حكم الطلاق الثلاث لمن عُقد عليها بدون ولي

0 177

السؤال

تزوجت زواجا إسلاميا هنا بأوروبا مع شاهدين مع قراءة القرآن، ولم يكن معي ولي، كذلك لم تكن وثيقة زواج.
وبعد ثلاثة شهور من زواجنا عقدنا قراننا بوثائق موثقة بأوروبا. بيني وبين زوجي مسافة طريق ساعتين ونصف تقريبا؛ لأنه يسكن بمدينة أخرى, منتظرة الحصول على قبول الإقامة للانتقال إلى بيت زوجي بصفة دائمة, في هذه الفترة نجتمع مع بعض كل نهاية أسبوع.
وحصل أن اتصل بي يوما هاتفيا وهو غاضب لأني لم آت بنهاية الأسبوع لأني متعبة من العمل، وهو لا يشتغل، وأقسم بالله إن لم آت في تلك الليلة إليه سأكون طالقا بالثلاث، وسأكون محرمة عليه وليست هناك عودة، وأضاف أن لدي ست ساعات من الوقت، ويجب أن أكون عنده قبل الساعة الثانية عشر ليلا، وكنت متعبة نفسيا وبدنيا ولم أذهب إليه، وبعد أسبوعين يريد مني العودة طالبا السماح، وقال لن أحتاج إلى حلة، ويمكننا تجديد النكاح دون الحاجة إليها؛ لأن زواجنا كان باطلا فقد تزوجنا بدون ولي لأننا اتبعنا مذهب أبي حنيفة، والآن يمكننا تجديد النكاح باتباع مذهب آخر بحضور الولي, فهل يجوز هذا؟ مع العلم أني كنت في ذلك اليوم الذي طلقت فيه اغتسلت من الحيض، وكان اليوم الخامس لدي من الحيض، لكن كان لا يزال بعض الوسخ منه، فهل أعتبر مع ذلك لا أزال حائضا؟
وطلاقنا هنا يمتد طويلا يجب بالأول أن نفترق مدة سنة كاملة بعدها لدينا الحق لطلب الطلاق.
أفيدوني -جزاكم الله كل الخير-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالجمهور على اشتراط الولي لصحة النكاح خلافا للإمام أبي حنيفة -رحمه الله- الذي يرى صحة تزويج المرأة الرشيدة نفسها، لكن الطلاق واقع في هذا النكاح حتى عند من يبطل النكاح بلا ولي؛ قال ابن قدامة في المقنع: "ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه كالنكاح بلا ولي عند أصحابنا".
وعليه؛ فما دام زوجك طلقك ثلاثا فقد بنت منه بينونة كبرى، ولا يملك رجعتك إلا إذا تزوجت زوجا غيره -زواج رغبة لا زواج تحليل-، ثم يفارقك الزوج الجديد بطلاق أو موت وتنتهي العدة؛ جاء في مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح: "وسألته عن امرأة تزوجت بغير إذن وليها فطلقها هذا الذي تزوج بها ثلاثا ثم أجاز الولي النكاح، هل تحل له من قبل أن تنكح زوجا غيره؛ لأن هذا النكاح الأول كان فاسدا؟ قال: لا ترجع إليه إلا بزوج؛ لأن هذا النكاح الذي تزوجها هذا به إن جاءت منه بولد كان الولد لاحقا به؛ لأن هذا نكاح شبهة فلا تحل له إلا أن تنكح زوجا غيره". اهـ
وكيف يسوغ لمن اعتقد صحة النكاح أن يرجع ويبني على بطلانه حكما يوافق رغبته؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وليس لأحد بعد الطلاق الثلاث أن ينظر في الولي هل كان عدلا أو فاسقا، ليجعل فسق الولي ذريعة إلى عدم وقوع الطلاق، فإن أكثر الفقهاء يصححون ولاية الفاسق، وأكثرهم يوقعون الطلاق في مثل هذا النكاح، بل وفي غيره من الأنكحة الفاسدة. وإذا فرع على أن النكاح فاسد، وأن الطلاق لا يقع فيه، فإنما يجوز أن يستحل الحلال من يحرم الحرام، وليس لأحد أن يعتقد الشيء حلالا حراما، وهذا الزوج كان يستحل وطأها قبل الطلاق، ولو ماتت لورثها، فهو عامل على صحة النكاح، فكيف يعمل بعد الطلاق على فساده؟ فيكون النكاح صحيحا إذا كان له غرض في صحته، فاسدا إذا كان له غرض في فساده. وهذا القول يخالف إجماع المسلمين فإنهم متفقون على أن من اعتقد حل الشيء، كان عليه أن يعتقد ذلك سواء وافق غرضه أو خالفه، ومن اعتقد تحريمه كان عليه أن يعتقد ذلك في الحالين. وهؤلاء المطلقون لا يفكرون في فساد النكاح بفسق الولي إلا عند الطلاق الثلاث، لا عند الاستمتاع والتوارث، يكونون في وقت يقلدون من يفسده، وفي وقت يقلدون من يصححه؛ بحسب الغرض والهوى، ومثل هذا لا يجوز باتفاق الأمة." [الفتاوى الكبرى لابن تيمية 3/ 204].

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة