تفسير قوله تعالى: الطلاق مرتان... الآية.

0 192

السؤال

أريد تفسير الآية كاملة:
"الطلاق مرتان ۖ فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ۗ ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ۖ فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ۗ تلك حدود الله فلا تعتدوها ۚ ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون".

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فتفسير هذه الآية كما جاء مختصرا في تفسير الجلالين:

{الطلاق} أي: التطليق الذي يراجع بعده {مرتان} أي: اثنتان {فإمساك} أي: فعليكم إمساكهن بعده بأن تراجعوهن {بمعروف} من غير ضرار {أو تسريح} أي: إرسالهن {بإحسان ولا يحل لكم} أيها الأزواج {أن تأخذوا مما آتيتموهن} من المهور {شيئا} إذا طلقتموهن {إلا أن يخافا} أي: الزوجان {أ} ن {لا يقيما حدود الله} أي: أن لا يأتيا بما حده لهما من الحقوق، وفي قراءة: "يخافا" بالبناء للمفعول، فأن لا يقيما بدل اشتمال من الضمير فيه، وقرئ بالفوقانية في الفعلين {فإن خفتم أ} ن {لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما} {فيما افتدت به} نفسها من المال ليطلقها؛ أي: لا حرج على الزوج في أخذه ولا الزوجة في بذله، {تلك} الأحكام المذكورة {حدود الله فلا تعتدوها ۚ ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون}. اهـ.

وقال العلامة السعدي في تفسيرها:

[كان الطلاق في الجاهلية، واستمر أول الإسلام، يطلق الرجل زوجته بلا نهاية، فكان إذا أراد مضارتها طلقها، فإذا شارفت انقضاء عدتها راجعها، ثم طلقها وصنع بها مثل ذلك أبدا، فيحصل عليها من الضرر ما الله به عليم، فأخبر تعالى أن {الطلاق} أي: الذي تحصل به الرجعة {مرتان} ليتمكن الزوج إن لم يرد المضارة من ارتجاعها، ويراجع رأيه في هذه المدة، وأما ما فوقها، فليس محلا لذلك؛ لأن من زاد على الثنتين، فإما متجرئ على المحرم، أو ليس له رغبة في إمساكها، بل قصده المضارة، فلهذا أمر تعالى الزوج أن يمسك زوجته {بمعروف} أي: عشرة حسنة، ويجري مجرى أمثاله مع زوجاتهم، وهذا هو الأرجح، وإلا يسرحها ويفارقها {بإحسان}، ومن الإحسان أن لا يأخذ على فراقه لها شيئا من مالها؛ لأنه ظلم وأخذ للمال في غير مقابلة بشيء، فلهذا قال: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله} وهي المخالعة بالمعروف، بأن كرهت الزوجة زوجها، لخلقه أو خلقه أو نقص دينه، وخافت أن لا تطيع الله فيه، {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به}؛ لأنه عوض لتحصيل مقصودها من الفرقة، وفي هذا مشروعية الخلع، إذا وجدت هذه الحكمة. {تلك} أي ما تقدم من الأحكام الشرعية {حدود الله} أي: أحكامه التي شرعها لكم، وأمر بالوقوف معها، {ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون} وأي ظلم أعظم ممن اقتحم الحلال، وتعدى منه إلى الحرام، فلم يسعه ما أحل الله؟]. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات