وجوب بر الوالد وإن ظلم، والدعاء له بالهداية

0 218

السؤال

سؤالي عن الأب إن كان ظالما، بحيث لا تستطيع النفس طلب هدايته، يفتعل المشاكل عمدا، يوقعك في الكلام، يفعل أي شيء ليثبت صحة كلامه الخاطئ عقلا، ومنطقا وإن لم يحدث يفتعل المشاكل بعدها فورا، النفس كرهته، وأبت أن تدعو له، أو لهدايته. فماذا علي أن أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

  فإن الأب يبقى أبا مهما ظلم وجفا، وأساء واعتدى، فله على ولده البر والإحسان، وقد عقد البخاري في كتابه الأدب المفرد، بابا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يصبح إليهما محتسبا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.

  وإذا كره الولد أباه بسبب بعض تصرفاته المشينة، فلا حرج على الولد في ذلك؛ فهذا الفعل القلبي لا مؤاخذة فيه، بشرط أن لا يصدر عن الولد أي تصرف يؤذي والده كعبوس الوجه، أو التأفيف، فضلا عما هو أعلى من ذلك، فيكون بذلك قد وقع في العقوق، وقد مضى بيان ضابط العقوق في الفتوى رقم: 76303.
  ولا ينبغي للولد على كل حال، أن يترك الدعاء لوالده بالهداية، فكيف يرضى أن يعذب والده في النار؟!! وما أطيب أن يصبح الأب صالحا، ويجمعه الله بذريته في الجنة، قال تعالى: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين {الطور:21}.

قال ابن كثير في تفسيره: أي يجمع بينهم، وبين أحبابهم فيها من الآباء، والأهلين، والأبناء ممن هو صالح لدخول الجنة من المؤمنين؛ لتقر أعينهم بهم، حتى إنه ترفع درجة الأدنى إلى درجة الأعلى، امتنانا من الله وإحسانا من غير تنقيص للأعلى عن درجته، كما قال الله تعالى: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم. اهـ.

وروى البيهقي في سننه عن عمرو بن مرة قال: سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية: والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان {الطور:21} قال: قال ابن عباس - رضي الله عنها-: المؤمن يلحق به ذريته؛ ليقر الله بهم عينه، وإن كانوا دونه من العمل. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

وروى الحاكم في مستدركه، عن ابن عباس في قوله: ألحقنا بهم ذريتهم {الطور:21}، قال: إن الله يرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة, وإن كانوا دونه في العمل. وسكت عنه الذهبي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة