لا عقوبة على من تاب بصدق من عقوق الأب

0 163

السؤال

فبداية أود من سعادتك أن تدعو الله سبحانه أن يغفر لي ويعفو عني ويسامحني على ما اقترفت يداي, فوالله إني حسن الظن به, لكن جرمي خطير وذنبي عظيم.
فأنا شخص قد من الله علي بالهداية والتوبة بفضله تعالى, ولكن كلما تذكرت هذا الذنب اعتصرت ألما وشككت أن الله سيعاقبني بسببه. أتدرون ما الذنب؟ أنه عقوق الوالدين. نعم, فقبل أن يمن الله سبحانه علي بالهداية كنت عاقا بوالدي، ولكن للأسف لم أفق إلا وأبي قد توفي. فهل يتوب الله علي من عقوقي له وهو ميت, فإن والدي والظاهر لي أنه قد مات وهو راض عني.
وأذكر أني في إحدى المرات صرخت بوجه أبي ورفعت يدي عليه لكني لم أضربه، رجاء لا تلوموني, فأنا أتمنى من الله إن كان شل يدي وأخرس لساني ولم يصدر مني ذلك الإثم العظيم، فوالله إني تائب، والله إني تائب، لكن هل تاب الله علي؟ إني أتمنى أن يتوب الله علي ولا يعاقبني, ووالله إني لأتمنى أن يعود أبي للحياة فأكون له كالعبد الذليل، ولكن هذا محال. وأنا الآن أحاول البر بأمي قدر الإمكان وأتلمس رضاها لعل الله أن يغفر لي ما كان مني ويوفقني لبرهما.
فهل يتوب الله علي بتوبتي من هذا الفعل أم لا بد من أن يقتص مني أبي يوم القيامة؟ وما السبيل لكي أبره وهو ميت؟ وهل سيعاقبني الله بما فعلت في الدنيا أو يسلط أبنائي علي؟ وهل بري بوالدتي يشفع لي من هذا الجرم الخطير؟ علما أنه بعد أن من الله سبحانه علي بالهداية فتحت في طريقي الخيرات، ووفقت لكثير من الأمور, فهل هذا من آثار الاستقامة ورضا أمي عني أم أنه من مكر الله سبحانه بالعاصين؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحمد لله الذي تاب عليك ووفقك للاستقامة، فعليك أن تشكر نعمته عليك، وأن تستمر في هذا الطريق المبارك، وأحسن ظنك بربك تعالى، واعلم أنه سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، وأن التوبة تمحو ما قبلها من الإثم. وأن التائب يعود من ذنبه كمن لم يذنب، كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه. فإذا كانت توبتك صادقة -كما يظهر من سؤالك- فثق بعفو الله وسعة كرمه، وأنه تعالى سيغفر لك ويعفو عنك، وتعاهد أمك بالبر وأحسن إليها، وبر أباك بما يمكنك أن تبره به بعد موته من الدعاء والاستغفار له، والتصدق عنه، ولو وهبت له ثواب شيء من القرب فإن ذلك ينفعه -إن شاء الله- على ما نفتي به، وانظر الفتوى رقم: 111133.

وما دمت قد تبت توبة صادقة فلن تعاقب على هذا الذنب لا في الدنيا ولا في الآخرة، ونسأل الله أن يكون ما فتح عليك من الخيرات من دلائل لطفه بك، فتعاهد هذه النعم بالشكر، وقم بحقها طاعة لله تعالى، وإقبالا عليه، وإحسانا في عبادته سبحانه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة