اشترط على زوجته السكن في بيت أهله فقبلت ثم تراجعت وذهبت لأهلها وطلبت الطلاق

0 249

السؤال

طلبت زوجة صديقي الطلاق فجأة، وبعد الإصرار قال لي لمحة عن حياتهم (لأنني أريد إصلاح ذات البين)، وهي قريبتي أيضا, لكني لم أجد السبب المقنع؛ قال بأن أهلها دائما ما يلمحون حول السكن المستقل والخروج من بيت أهله، علما أن الاتفاق ساعة العقد تم على السكن ببيت أهل الزوج حتى الرجوع من السفر إلى الوطن، والسكن هناك في بيت مستقل للزوج، وعلما أن بيت الأهل لا يوجد به ذكور غير أبي الزوج، وعلما أن الأم تحسن معاملة زوجة ابنها بشهادة الزوجة نفسها وزوجة ابنهم الثاني المسافر.
قال إنه مرتين أو ثلاث أزلهم الشيطان للحظات بغير الموضع الذي أحل الله، لكنه وزوجته ندما واستغفرا.
قال بأن أهل زوجته كاشفوا أهله بأن ابنكم متعلق بكم كثيرا، وهذا ليس برا، يجب أن يستقل (وهم يعلمون بعدم قدرته المادية سلفا).
قال بأن أهله دفعوا من مالهم الكثير كي تلد الزوجة في مستشفى خاص من النوع المتميز حرصا على راحتها وراحة ابنها.
قال بأنه منذ فترة لا يحب الذهاب لبيت أهلها ولا الحديث معهم؛ لأنهم دائما ما يلمحون له بشأن استقلالية السكن ويزعجونه (مما يخلق المشاكل بينه وبين زوجته).
شيخي الفاضل, قال لي بأنه يحب أهله وأكثر ما يتمناه في الدنيا أن يرى زوجته تحب أهله كما تحب أهلها. والمهم: أنه قال لي بأنه لو توفر معه المال حاليا لن يخرج من بيت أهله لسببين:
أولا: الشرط قبل الزواج أن الزوجة ووالدها قبلا بأن السكن في بيت الأهل بغرفة مستقلة لها باب يحجب خصوصيتهما عمن في البيت، وذلك حتى الرجوع للوطن.
ثانيا: أنها جاحدة بإحسان أهله لها وعطفهم عليها، وتريد إبعاده عن أهله تدريجيا، وبدأت بموضوع السكن المستقل بالاتفاق مع والديها.
شيخنا الفاضل، الآن زوجة قريبي وابنه في بيت أهلها منذ 3 أشهر، ولم يرهم، وأتت هي وأبوها وأخذت كل حاجاتها وحاجات الطفل, وقريبي كرهها، لكن لا يريد أن يبادر بالطلاق لأنهم من طلبوه. فهل قريبي آثم؟ وهل زوجته آثمة لأنها تركته عرضة للشهوات؟ وهل هي وأهلها آثمون؟
شيخنا الكريم، أريد القول بأني أعلم الكثير من أمور بيتهم بحكم الصلة الوثيقة بيني وبين الزوج والقرابة بيني وبين الزوجة, صدقني إنه أحسن إليها، وقال لي مرة إنه يخاف على مشاعرها كثيرا، وهو معروف لنا نحن أصدقاءه بلين قلبه وحنانه الذي نشبهه أحيانا بحنان الأنثى حتى إننا نعيب عليه ذلك, وأعرف أن زوجته كانت تحبه، وعلمت بأن عدة مشاكل حصلت بينه وبين أهلها بسبب أنهم يلمحون له كلما رأوه بأن الرجل يجب أن يستقل، حتى إني شهدت مرة والد زوجته يقول له: لماذا تدفع دينا عن أخيك؟ أنت لست مجبرا على ذلك، يجب أن يدفعه هو؟
وهل أبوها يعتبر مخببا؟ وماذا عساي أن أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فسؤال المرأة الطلاق إن كان لمسوغ فلا حرج فيه، وإلا فهي منهية عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة". رواه أحمد. قال السندي: "أي في غير أن تبلغ من الأذى ما تعذر في سؤال الطلاق معها". حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 632). وراجع الحالات التي يجوز للمرأة فيها سؤال الطلاق في الفتويين: 37112، 116133.
ومن حق الزوجة أن يكون لها مسكن مستقل مناسب، ولا حق لزوجها في إسكانها مع أهله في بيت مشترك دون رضاها، والمقصود بالمسكن المستقل: أن يكون للزوجة جزء من الدار مناسب لها منفصل بمرافقه؛ جاء في مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر: "وفي شرح المختار: ولو كان في الدار بيوت وأبت أن تسكن مع ضرتها ومع أحد من أهله إن خلى لها بيتا وجعل له مرافق وغلقا على حدة ليس لها أن تطلب بيتا آخر".

ومن شرط على امرأته في العقد أن يسكنها مع أهله ورضيت بذلك، فلا حق لها في المطالبة بمسكن مستقل، ولا سيما إذا لم يكن قادرا على ذلك؛ قال ابن تيمية -رحمه الله-: "ومن شرط لها أن يسكنها منزل أبيه فسكنت، ثم طلبت سكنى منفردة وهو عاجز لم يلزمه ما عجز عنه، بل لو كان قادرا فليس لها عند مالك. وهو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد، وغيره، غير ما شرط لها" الاختيارات الفقهية - (1 / 541).
وإذا كانت زوجة هذا الرجل قد تركت بيته دون عذر فهي ناشز تأثم بنشوزها، وإذا كان أبوها أعانها على ذلك فهو آثم، وإذا سألت الطلاق دون مسوغ فلا حرج على زوجها في عدم إجابتها إلى الطلاق وتركها حتى تسقط له بعض حقوقها فيطلقها. وانظر الفتوى رقم: 73322.

والذي ينبغي عليك فعله: أن تأمر الزوجين بالمعروف، وتسعى في الإصلاح بينهما، وتستعين على ذلك بتوسيط بعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم؛ لعل الله يصلح أمر الزوجين ويجمع شملهما على خير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة