حكم منع الابن أباه من ظلم أمه والاعتداء عليها

0 138

السؤال

أبي يظلم أمي جدا، وضربها أمامي، فأبعدته عنها، وقلت له بصوت مرتفع وأنا غاضب: حرام عليك. وأبي لا يفهم لغة اللين، ولا ينصت إلا لصوت كل من يراه شديدا عليه، ومن ثم؛ كعادة أبي يدعو على نفسه بالموت، وعلى أمي بأن ترى الذلة بعد موته في كل مرة يتشاجران فيها، فما الحكم في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الله عز وجل أمر الزوج بأن يعاشر زوجته بالحسنى، كما أنها مطالبة بمعاشرته بالحسنى، قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم {البقرة:228}.

والمرأة شريكة حياته، جمع بينهما عقد قوي، وأساس متين؛ ولذا سمى الله تبارك وتعالى الزواج بالميثاق الغليظ، كما في قول: وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا {النساء:21}.

ولكل من الزوجين فضله على الآخر، والكريم يذكر فضل الآخر عليه، ويحفظه جميلا، ويكافئه عليه معروفا، وقد قال الله سبحانه: ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير {البقرة:237}.

فهذا الذي ذكرته عن أبيك من ضربه لأمك، وظلمه لها ـ إن كان واقعا ـ فإنه يتنافى مع هذه المعاني الربانية السامية أعظم منافاة، وهو بذلك قد أساء أبلغ إساءة، واعلم أن من أعظم برك به أن تسعى في منعه من الظلم، روى البخاري عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما، أو مظلوما، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره.

وإذا كان هذا في حق عامة الناس، فالأب أولى بأن ينصر، ولكن فليكن ذلك بأدب، وحسن خلق، فالوالد ليس كغيره، جاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل من أمر الوالدين بالمعروف، وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف، ولا إساءة ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. اهـ.. وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 109767.

فامنعه إذن من ظلم أمك من غير أن تؤذيه، أو تعتدي عليه، ومجرد تذكيرك له بأن فعله هذا حرام لا شيء فيه، ولكن المشكلة في الأسلوب، وينبغي أن تسلط عليه من أهل الفضل، والمقربين إليه من يمكنه نصحه، وترجو أن يقبل قوله، ولا تنس أن تكثر الدعاء له بخير، ومن المنكر دعاؤه على نفسه بالموت، فإن هذا منهي عنه شرعا، وكذلك الحال بالنسبة لدعائه على أمك بغير وجه حق، أو على وجه لا يشرع، وانظر الفتويين رقم: 20322، ورقم: 10859.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة