0 107

السؤال

أجتهد في حفظ القرآن الكريم، وقبل أن أبدأ بالحفظ أخلص النية لله، لكنني بعد أن أحفظ وأرى أنني لا أخطئ في التسميع ـ ولله الحمد ـ أبدأ أتخيل أنني مثلا في مسابقة ما وأنني أقوم بتسميع ما أسمعه لنفسي في غرفتي، كما أتخيل أنني أمام معلمتي وأنني أقوم بتسميع السور المطلوبة لها دون أخطاء في الحفظ وترتيب الآيات، فهل في هاتين الحالتين وحالات شبية بها يكون حفظي للقرآن فيه شرك بالله عز وجل وأنني حفظ ليقول الناس عني قد حفظت، علما بأنه عندما تراودني تلك الأفكار أوقف الحفظ مدة 5 دقائق وأحاول إبعاد هذه الأفكار، لأنني حقا أخاف خوفا شديدا من أن أتعب في الدنيا ثم يوم القيامة لا أجد لهذا العمل ثوابا؟ ولست موسوسة في أي شيء ولله الحمد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالرياء مشتق من الرؤية وهو أن يعمل العمل ليراه الناس, وانظري الفتوى رقم: 10992، عن حقيقته وآثاره وأنواعه.

وعليه؛ فإن ما ذكرته من تخيلك أنك تقرئين في غرفتك أو على معلمتك لا يدخل في باب الرياء خاصة مع ما ذكرت من كونك عندما تبدئين الحفظ تخلصين النية لله تعالى، والإخلاص يتنافى مع الرياء تماما، علما بأن الرياء الحاصل بعد الفراغ من العبادة لا يضرها، جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح: ووجود الرياء بعد الفراغ من العبادة لا يحبطها. اهـ.

ومع أنك صرحت بأنك غير موسوسة، فإن توقفك عن القراءة بسبب تلك الأفكار ثم معاودتها يدل على نوع من الاستجابة لتلك الأفكار، فننصحك بمجاهدة الشيطان والنفس في إخلاص العمل لله, وإذا قال لك الشيطان أو حدثتك نفسك أنك مرائية, فأعرضي عن ذلك وواصلي قراءتك ولا توقفيها، فقد قال الحارث بن قيس ـ رضي الله عنه ـ كما في تلبيس إبليس لابن الجوزي: إذا أتاك الشيطان وأنت تصلي فقال: إنك ترائي، فزدها طولا. اهـ.

وجاء في الآداب الشرعية لابن مفلح: مما يقع للإنسان أنه أراد فعل طاعة يقوم عنده شيء يحمله على تركها خوف وقوعها على وجه الرياء، والذي ينبغي عدم الالتفات إلى ذلك، وللإنسان أن يفعل ما أمره الله عز وجل به ورغبه فيه ويستعين بالله تعالى، ويتوكل عليه في وقوع الفعل منه على الوجه الشرعي. اهـ.

ثم ننصحك ـ إذا خشيت الرياء ـ أن تقولي: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم، فقد روى البخاري في الأدب المفرد عن معقل بن يسار قال: انطلقت مع أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: يا أبا بكر! للشرك فيكم أخفى من دبيب النمل، فقال أبو بكر: وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلها آخر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، للشرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره؟ قال: قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة