أضواء على قوله تعالى: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً...

0 132

السؤال

هل الاستثناء بقول إن شاء الله أو إذا شاء الله جائز في جميع الأحوال أم هناك حالات لا يجوز فيها وتكون جزما؟
فصلوا لنا أحكام الاستثناء كاملة، وقول الله -عز وجل- على لسان شعيب -عليه السلام- في سورة الأعراف: {وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله}.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمحل الاستثناء هو المستقبل لا الماضي ولا الحاضر؛ كما في قول الله -عز وجل- على لسان شعيب -عليه السلام-: وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا {الأعراف:89}.

قال السبكي في فتاويه: ... إذ الشك فيما علم وقوعه محال. وكذا الشك في الحال؛ إذ الواقع المحقق الوقوع ولا يتطرق إليه شك ولا يدخل في العقل توهم ذلك فيه. وهل هذا إلا كتوهم تعلق الشك بالجوع والشبع عند تحقيق كونهما، مع أن موضوع "إن" الشرط في المستقبل، والماضي والحال خارجان عقلا ولغة ... ". انتهى.

ومن ذلك قول شعيب -عليه السلام-؛ فهو استثناء على مستقبل. وانظر الفتوى رقم: 169169.

قال الشيخ/ العثيمين -رحمه الله- في تفسير: ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا: فيستفاد من قوله: (إني فاعل) أنه لو قال: سأفعل هذا على سبيل الخبر لا على سبيل الجزم بوقوع الفعل، فإن ذلك لا يلزمه أن يأتي بالمشيئة، يعني لو قال لك صاحبك: "هل تمر علي غدا؟ " فقلت: "نعم" ولم تقل: إن شاء الله فلا بأس لأن هذا خبر عما في نفسك، وما كان في نفسك فقد شاءه الله فلا داعي لتعليقه بالمشيئة، أما إن أردت أنه سيقع ولا بد فقل: إن شاء الله، وجه ذلك أن الأول خبر عما في قلبك، والذي في قلبك حاضر الآن، وأما أنك ستفعل في المستقبل فهذا خبر عن شيء لم يكن، ولا تدري هل يكون أو لا يكون، انتبهوا لهذا الفرق؛ إذا قال الإنسان: سأسافر غدا، فإن كان يخبر عما في قلبه فلا يحتاج أن يقول: إن شاء الله، لماذا؟ لأنه خبر عن شيء واقع، أما إذا كان يريد بقوله: سأسافر، أنني سأنشئ السفر وأسافر فعلا، فهنا لا بد أن يقول: إن شاء الله، ولهذا كانت الآية الكريمة: (إني فاعل ذلك غدا) ولم تكن إني سأفعل، بل قال: (إني فاعل) ، فلا تقل لشيء مستقبل إني فاعله إلا أن يكون مقرونا بمشيئة الله. انتهى.
وقال القاسمي في تفسيره لهذه الآية: ومنها أن المعنى لا تقولن ذلك قاطعا بفعله وباتا له. لأنه وما تدري نفس ماذا تكسب غدا [لقمان: 34] ، فلا ينبغي الجزم والبت على فعل أمر مستقبل مجهول كونه. انتهى.
وأما الإخبار عما حصل من الماضي، فلا استثناء فيه، ولا مانع من القطع به، وقد ذكر شيخ الإسلام في كتاب الإيمان أن عدم القطع في الأمور الماضية من بدع المرازقة، فقال: وذلك مثل قولهم: ولا نقول قطعا ونقول نشهد أن محمدا رسول الله ولا نقطع، ونقول: إن السماء فوقنا ولا نقطع، ويروون أثرا عن علي وبعضهم يرفعه أنه قال: لا تقل قطعا، وهذا من الكذب المفترى باتفاق أهل العلم ولم يكن شيخهم يقول هذا بل هذه بدعة أحدثها بعض أصحابه بعد موته، وإذا قيل لواحد منهم: ألا تقطع قال: إن الله قادر على أن يغير هذه الفرس فيظن أنه إذا قال قطعا أنه نفي لقدرة الله على تغيير ذلك، وهذا جهل فإن هذه الفرس فرس قطعا في هذه الحال والله قادر على أن يغيرها.....

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات