اصطنع الزوج أنه يحدث أحدًا، وقال: فلانة طالق، ولم يكن ثمة أحد

0 79

السؤال

تزوجت من زوجي، وبعد الزواج بعدة شهور حدث خلاف بيني وبين والدته، وهو مسافر، فاتصل بأختي، وقال لها: أختك فلانة طالق، وسماني باسمي، وبعدها راجعني، وقال: إنها كإنذار، وكان يقصدها.
والثانية: سافرت معه، وبعد سنتين، أو أقل، حدثت مشاجرة بيننا، فأخذ الهاتف، واصطنع أنه يحدث أحدا من عائلتي، وقال: فلانة طالق، وسماني باسمي، فقلت له: لقد طلقتني، فقال: لا، أنا كنت أمزح معك، حتى تكفين عن مواصلة الشجار، ولم يكن أحد في الجهة المقابلة.
وفي المرة الثالثة: كانت مشكلة كبيرة، وأنا أتحدث مع امرأة في الهاتف، أشرح لها، فقال لي: ألم أقل لك: لا تقولين لها شيئا، فأنت طالق.
أفتوني في أمري أفادكم الله، علما بأني مغتربة معه في بلد أوروبي، فهل أبحث عن سكن آخر لي، ولأولادي، أو أقيم معه في نفس السكن؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن كان الحال كما ذكرت، فإن زوجك قد طلقك ثلاث طلقات، وقد بنت منه بينونة كبرى، فلا تحلين له إلا بعد أن تنكحي زوجا غيره، نكاح رغبة لا تحليل، كما قال تعالى: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ...  إلى قوله سبحانهفإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا ..{البقرة:229 - 230}.

وبيان ذلك: أنه طلقك طلقتين جادا فيهما، كما هو واضح، وطلقك طلقة ثالثة هازلا، كما أخبرك، وهذا لا ينفعه؛ لأن التلفظ بلفظ الطلاق الصريح، يعتبر طلاقا، ولو قصد به الهزل؛ لأن الطلاق من المسائل التي يستوي فيها الجد والهزل، قال ابن قدامة في المغني: قد ذكرنا أن صريح الطلاق، لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد، ولا خلاف في ذلك، ولأن ما يعتبر له القول، يكتفى فيه به، من غير نية، إذا كان صريحا فيه، كالبيع، وسواء قصد المزاح، أو الجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة. رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن.

قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، على أن جد الطلاق، وهزله سواء. اهـ.

وكونه اصطنع أنه يكلم أحدا دون أن يكون ثمة أحد يكلمه، لا يغير من الحكم شيئا؛ لأن قوله: فلانة طالق، يفيد الإنشاء، وليس الإخبار، ويدل على أنه قصد الإنشاء، وليس الإخبار، قوله لك: إنه كان يمزح، فهذا يعني أنه أنشأ الطلاق مازحا، أو هازلا، وهذا لا ينفعه -كما سبق-.

وإذا تقرر أنك قد أصبحت بائنا من زوجك، فإن السكن معه في منزل واحد لا يجوز، إلا بشروط بيناها في الفتوى رقم: 65103.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات