حكم قطيعة الأخ الذي سبّت إحدى بناته الوالدة المتوفاة

0 115

السؤال

أعيش في منزل جدتي، ونجتمع في منزلنا في الأعياد فقط، وبعض العطل. مؤخرا حصلت مشكلة مع أحد إخوتي الذي بقي يسكن مع زوجته، وبناته، بعد أن سبت إحدى بناته أمي المتوفاة، ولم يحرك ساكنا، فنهضت، وضربتها، وقررت ألا أزورهم أبدا، وهو يتصل بي، ويقول لي: ما الذي تغير، لم تعد كما كنت؟ أحس بتغيرك، وأنا أبقى صامتا. أصلي الصلوات بأكملها في المسجد إلا نادرا، إلا أني أريد رأيكم أخشى قطع صلة الرحم، وكلما زرتهم أتذكر ما حصل، وأعاني، لماذا أصبحت هكذا؟ لماذا أصبحت شخصا سيئا جدا؟ هذا ما قاله لي أخي في المساء، بعد أن ظللت صامتا طوال اليوم، كيف لا تريدني أن أبقى صامتا، وجالسا في مكاني، وابنتك التي تخطت أربع سنوات وبضعة شهور، نعتت أمي بكلمات قذرة، لن أقدر على كتابتها هنا، أو حتى نطقها في نفسي، أتعلم كم قتلني ذاك المشهد الذي لم تحرك فيه ساكنا، وهي تقول وتعيد، أثارت برودة دمك دهشتي، أما الآن فلن أستغرب منك أبدا، ولن أفكر بالعودة أبدا لذلك البيت، فقد جئت لأسترجع ذكرياتي معها فقط، لا أن تجرحوني.
فصمتي، وعدم بكائي أمامكم، لا يعني أني بخير، وإنما أخفي حزني لكيلا أحزن الآخرين، فأنت لم تكن تعاملها مثلنا أبدا، فقد كانت دوما كلماتك قاسية في حقها، أما سر صمتي فهو أني كنت أنتظر الفرصة التي سنجتمع معا أنا وهي فقط تحت سقف واحد، كنت أنتظر، وأحلم بأني سأعيد عيش كل دقيقة من طفولتي التي لم أعشها معها.
دموعي صراخي، وانهياري لم تفهمه لأنك لم تعلم، ولن تعلم مقدار حبي لها، لا أحد يعلم كم أفتقدك، حياتي أصبحت مجرد ألم.
هو وهم عاشوا طفولتهم معك، هو شاهدت زواجه ممن أحب، وحملت بناته في أحضانك، أما أنا فما زالت أدرس، ولم يكتب لنا أن نحقق ولو حلما واحدا معا من تلك الأحلام التي كنا نحلم بها.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله تعالى أن يرحم أمك، ويسكنها جنته، وأن يرزقكم برها، ويجمعكم بها في الجنة؛ إنه ولي ذلك، والقادر عليه.

وإن كانت هذه البنت قد قامت حقا بسب أمك، فهذا فعل لا يرتضى، وهي وإن كانت صغيرة السن، إلا أنها لو نشأت على مثل هذا، ربما كان له الأثر السيء على خلقها مستقبلا، وللفائدة نحيل على بعض الفتاوى في تربية الأولاد، وهي الفتاوى: 13767، 17078، 55386.

وغالبا ما يقلد الأطفال في ترداد هذه الألفاظ من هم أكبر منهم سنا.

ومن هنا؛ فلينتبه الكبار في البيت من الآباء، والأمهات، وغيرهم، وليحرصوا على أن يكونوا قدوة صالحة لهم.

 وبخصوص تأديبك لهذه البنت بالضرب، فما كان ينبغي لك ذلك؛ لصغر سنها، ووجود أبيها، وكان يمكنك تنبيهه لضرورة رعاية أخلاق أطفاله، وتعويدهم على القول الطيب، وراجع الفتوى رقم: 52292.

 ولا شك في أن صلة الرحم واجبة، وقطيعتها محرمة، بل كبيرة من كبائر الذنوب، وقد ورد بخصوص ذلك كثير من النصوص في الكتاب، والسنة، ذكرنا طرفا منها في الفتوى رقم: 116567.

 فلا يحل لك أن تقطعهم للسبب الذي ذكرت، فاعمل على صلتهم، وقد أوردنا في الفتوى رقم: 226168، جملة من الأمور التي تتحقق بها الصلة، فصلتهم بالزيارة، أو المال، أو تفقد الأحوال، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 304318.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة