مذاهب العلماء فيمن طاف ووجهه إلى البيت أو ظهره

0 157

السؤال

كنت قد عملت عمرات كثيرة سابقا، ولكنني علمت مؤخرا أنه يجب جعل الكعبة عن يسار الطائف، فكنت في بعض العمرات أبتعد عن الكعبة لاختصار الأمر؛ كأن يكون الرجل الذي أمامي يصلي فأذهب من خلفه، أو هناك مجموعة من الناس فأذهب من خلفهم، فهل تلك العمرات لا تصح؟ وهل علي دم لأنني فعلت المحظورات ظانا مني أني انتهيت من أعمال العمرة؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالجواب على سؤالك يقتضي التنبيه على المسائل التالية:

1- إذا كنت تجعل البيت عن يسارك مثل عامة الطائفين لكنك تبتعد عن الكعبة تفاديا للمرور أمام المصلين, فطوافك صحيح, فالمهم في الطواف أن يكون داخل المسجد الحرام, ولا يشترط في صحته أن يكون بجانب البيت, أو قريبا منه, وراجع الفتوى رقم: 106013.

 2- إذا كان قصدك أنك كنت أثناء تجاوز المصلين تقطع مسافة, وأنت تولي ظهرك للكعبة أو وجهك مثلا ..., ففي هذه الحالة يعتبر طوافك فاسدا عند الجمهور, خلافا للحنفية؛ فقد جاء في مواهب الجليل للحطاب عند قول خليل (وجعل البيت عن يساره)، قال: يعني: أن من واجبات الطواف وشروطه أن يجعل البيت على يساره، فلو طاف وجعل البيت على يمينه أو طاف ووجهه إلى البيت أو ظهره لم يجزئه طوافه، وهو كمن لم يطف، فيرجع لذلك من بلده، وهو مذهب مالك، والشافعي، وابن حنبل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم طاف كذلك، وقال: خذوا عني مناسككم ... اهـ.

وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: التيامن: سير الطائف عن يمين الكعبة، وجعل يساره لجانب الكعبة، وهذا شرط عند جمهور الفقهاء، وقرروا أن الطواف على عكس ذلك باطل. واستدلوا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعل البيت في الطواف على يساره، ولأنها عبادة متعلقة بالبيت، فيجب فيها الترتيب كالصلاة.

وقال الحنفية: التيامن واجب في الطواف، والطواف على عكسه صحيح مع الكراهة التحريمية، وتجب إعادته ما دام بمكة، وإن رجع إلى أهله من غير إعادة يجب عليه الدم. واستدلوا بأنه هيئة متعلقة بالطواف، فلا تمنع صحته، وجعلوا الآية: {وليطوفوا بالبيت العتيق} دليلا على إجزاء الطواف وصحته على أي هيئة؛ لأن الأمر مطلق، فيتأدى الركن بدون تلك الهيئة، وحملوا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- على الوجوب. انتهى.

3- فعلى مذهب الجمهور يجب عليك الآن الكف عن جميع محظورات الإحرام؛ من تطيب، وقص شعر، وجماع أو مقدماته ... إلى آخرها، حتى ترجع لمكة، ثم تأتي بطواف صحيح، ثم تسعى بعده، ثم تقصر من شعرك، وبذلك يحصل لك التحلل من العمرة. وبخصوص ما أقدمت عليه من محظورات الإحرام قبل التحلل من هذه العمرة, فراجع حكمه في الفتوى رقم: 14023, والفتوى رقم: 15047 .

4- إذا عجزت عن الرجوع لمكة بكل حال, فقد صرت في حكم المحصر؛ فتتحلل بنحر هدي في بلدك أو توكل من يذبحه عنك في مكة، وتقصر، وتجزئك شاة, فإن عجزت عن الهدي صمت عشرة أيام، وراجع الفتوى رقم: 287452 .

5- إذا اعتمرت عمرة صحيحة -بعد عمرة فاسدة -، فإن طواف العمرة الصحيحة وسعيها يقومان مقام الطواف والسعي من العمرة الفاسدة, كما سبق في الفتوى رقم: 199403 .

6- أما على مذهب الأحناف: فإن عمرتك لا تبطل، ويجزئك هدي, وهذا القول -وإن كان قولا مرجوحا عندنا، مع مخالفته مذهب الجمهور- فإننا قد بينا في الفتوى رقم: 125010 أن الأخذ بالقول المرجوح والفتوى به بعد وقوع الأمر، مما سوغه كثير من العلماء, وعليه؛ فيسعك أن تعد عمرتك صحيحة, ويجزئك دم عن كل عمرة لم تجعل البيت فيها عن يسارك، وأقله شاة تذبح في مكة, وتوزع على الفقراء من أهلها, وبالإمكان توكيل من ينوب عنك في ذلك, وراجع الفتوى رقم: 203788.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة