محل جواز البحث عن الحكمة من الأوامر والنواهي ووسائل معرفتها

0 233

السؤال

قال بعض الكتاب: لقد أعطيت خلاصة الأمور على الشكل التالي:
أن الله بالنسبة للمسلم ليس خالق الكون، بل ومدبره أيضا، وأن السلطان هو سيفه ورمحه في الأرض، وحياة المسلم على هذه الأرض تكليف ومحنة، وبالتالي؛ خضوع وتسليم تامان.
أما البحث عن العلل والاحتكام لها: فكلها عائد إلى شبهة اللعين الأول إبليس، ومصدرها: استبداده بالرأي في مقابلة النص، واختياره الهوى في معارضة الأمر.
كل ذلك أدى إلى دلالات ناقصة ومشوهة ما زلنا نعاني من تأثيراتها حتى اليوم.
فما رأيكم بهذا الكلام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا ننصحك بالاهتمام بنصوص الوحيين والتفقه فيهما، ومعرفة معانيهما من التفاسير المعتمدة وشروح الحديث المعتبرة، مع الاستنارة بأقوال السلف الصالح -صحابة وتابعين ومن تابعهم بإحسان-، فإن ذلك أولى وأفضل من دراسة كلام المتأخرين.

وأما ما جاء في هذا السؤال فصحيح إلا ما يتعلق بالبحث عن الحكمة؛ فإن الواجب على المسلم هو الإيمان بما ثبت في الوحي سواء فهم حكمته أم لم يفهمها، فقد قال تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا {الأحزاب:36}، وقال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما {النساء:65}.

لكن لا حرج على المؤمن بعد ذلك في محاولة معرفة الحكمة من الأوامر أو النواهي، ليزداد إيمانا واطمئنانا ويقينا بعظمة الشريعة وأحكامها، لا ليتمرد ويعاند كما فعل إبليس.

ولمعرفة الحكمة من أمر الله أو أمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- طريقان:

الأول: أن تكون الحكمة قد ورد النص عليها في الكتاب أو السنة، كقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون {البقرة:183}، وكقوله صلى الله عليه وسلم: فزوروا القبور فإنها تذكر الموت. رواه مسلم. فهذا وأمثاله كثير مما جاءت فيه الحكمة منصوصا عليها.

الثاني: أن يستخرجها العلماء عن طريق الاستنباط والاجتهاد، وهذا قد يكون صوابا، وقد يكون خطأ، وقد تخفى الحكمة على كثير من الناس، والمطلوب من المؤمن التسليم لأمر الله تعالى، وامتثاله في جميع الأحوال، مع الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى حكيم، له الحكمة التامة والحجة البالغة؛ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون {الأنبياء:23}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات