الحياء.. حقيقته .. أنواعه.. وحياء المرأة

0 99

السؤال

ما هو المعيار المنضبط لحياء الفتاة؟
وهل اضطرار الفتيات اللاتي تدرسن الطب، لرؤية عورات الرجال، بل وقد تضطر لمسها أثناء دراسة بعض المواد الطبية، وسماعها عن أخص مكامن العورة، والحياء في النساء، من أساتذة رجال، أثناء دراسة مادة النساء والتوليد.
هل هذا يؤثر على الحياء، ويقلله عند الفتاة التي تدرس، وتمارس الطب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالحياء من شعب الإيمان، ومن أجل صفات المؤمنين، وأحسن أخلاقهم، وهو خلق الإسلام، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل دين خلقا، وخلق الإسلام الحياء. رواه ابن ماجه.
والرجل والمرأة سواء في الحاجة إلى هذا الخلق الكريم، إلا أن المرأة بفطرتها أقرب إلى هذا الخلق، وأحوج إليه من الرجل، ولذلك يضرب المثل بحيائها، ففي صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء، من العذراء في خدرها.
ولم نقف على كلام لأهل العلم في ضابط الحياء عند المرأة.

  لكنهم قالوا في تعريف الحياء عموما: وحقيقة الحياء: خلق يبعث على فعل الحسن، وترك القبيح. الآداب الشرعية، والمنح المرعية.

 وقيل: الحياء نوعان: نفساني، وإيماني. فالنفساني: الجبلي، الذي خلقه الله في النفوس كالحياء من كشف العورة، ومباشرة المرأة بين الناس ........ والإيماني: ما يمنع الشخص من فعل القبيح بسبب الإيمان كالزنا، وشرب الخمر، وغير ذلك من القبائح. حاشية السندي على سنن ابن ماجه.
فالحياء عند المرأة يمنعها من التبرج، والمخالطة المريبة للرجال، ويحملها على التستر والاحتشام، ونحو ذلك من الأمور التي تصون عفتها،
لكن الحياء لا يمنعها من طلب الحق، وتعلم العلم النافع، روى البخاري تعليقا ومسلم موصولا عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: نعم النساء، نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.

وإذا كان التفقه في الدين أشرف العلوم، إلا أن غيره من العلوم النافعة كالطب مطلوب، وخاصة فيما يتعلق بمداواة النساء.

  فقد جاء في الفتاوى الهندية: "امرأة ‌أصابتها ‌قرحة ‌في ‌موضع لا يحل للرجل أن ينظر إليه لا يحل أن ينظر إليها لكن تعلم امرأة تداويها، فإن لم يجدوا امرأة تداويها، ولا امرأة تتعلم ذلك إذا علمت وخيف عليها البلاء أو الوجع أو الهلاك، فإنه يستر منها كل شيء إلا موضع تلك القرحة، ثم يداويها الرجل ويغض بصره ما استطاع إلا عن ذلك الموضع، ولا فرق في هذا بين ذوات المحارم وغيرهن؛ لأن النظر إلى العورة لا يحل بسبب المحرمية، كذا في فتاوى قاضي خان." انتهى.

  وعليه؛ فالظاهر -والله أعلم- أن المرأة إذا كانت تدرس الطب، وتحافظ على حدود الشرع وآدابه، فإن رؤيتها للعورات، وسماعها عنها بقدر حاجة الدراسة التي لا تستقيم بغيرها، الظاهر أن ذلك لا يضعف حياءها، ما دامت غير عاصية بتلك الدراسة، وإنما يضعف الحياء باقتراف المعاصي، والتفريط في الواجبات الشرعية؛ فإن الحياء يقوى ويضعف بحسب صلاح القلب وفساده.

قال ابن القيم -رحمه الله-: وعلى حسب حياة القلب، يكون فيه قوة خلق الحياء. وقلة الحياء من موت القلب والروح، فكلما كان القلب أحيى، كان الحياء أتم. مدارج السالكين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة