نصيحة لمن يعاني من التشاؤم الشديد والنظرة السوداء للمستقبل

0 94

السؤال

أشكركم على ما تبذلونه من مجهود كبير في موقعكم.
أنا الآن شاب في المرحلة الثانوية، ومستواي جيد جدا، ومؤخرا بدأ شيء غريب يحدث لي، وهو التشاؤم الشديد، والنظرة السوداء لمستقبلي، وحياتي، وهذا الهاجس، أو الوسواس جعلني قلقا، فأحيانا أفكر: ماذا لو أنهيت الشهادة الثانوية، وأصبت بمرض يمنعني من تحقيق حلمي؟ وأحيانا أقول: ماذا لو لم تؤهلني درجاتي للتخصص الذي أريده، وحلمي لن يتحقق، وسوف أدخل في تخصص أكرهه، ولا أريده؟ وأصبحت لا أدرس باجتهاد مثل ما كنت من قبل؛ بسبب خوفي من حصول هذه الأشياء السيئة، ولم أعد متحمسا لأي شيء، أرجوكم ساعدوني -بارك الله فيكم، وجزاكم كل خير-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فهذه الوساوس، وتلك الهواجس، إنما يلقيها الشيطان في قلبك؛ ليحول بينك وبين ما فيه مصلحتك، فعليك أن تدافعها، وتطردها عنك بكل ممكن.

ومما يعينك على طردها، ومدافعتها: استحضار منة الله عليك، والتفكر في نعمه العظيمة التي تغمرك، والتحقق التام، والعلم الجازم بأنه سبحانه ذو الفضل العظيم، وأن الذي من وتفضل أولا من غير سابق استحقاق من العبد، هو المرجو أن يتم نعمته، ويسبغ منته.

وعليك بحسن الظن بالله تعالى؛ فإن الله تعالى عند ظن عبده به.

واعلم يقينا أن الله أرحم بعبده من الأم بولدها، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكما أن أمك التي ولدتك، لا تختار لك -لو كان الأمر إليها- إلا ما تعلم أن فيه مصلحتك، فربك الذي خلقك، وسواك، وعدلك، أولى منها بذلك، فاستسلم لحكمه، وفوض لأمره، وارض بقضائه وقدره، وأخلص له، وتوكل عليه وحده، عالما أنه أعلم بمصلحتك منك، وأن اختياره لك، خير من اختيارك لنفسك، وتدبيره لك، خير من تدبيرك لنفسك.

فإذا استحضرت هذا المعنى، وفوضت أمرك لله تمام التفويض، فخذ بالأسباب الجالبة للتوفيق، والنجاح، امتثالا للشرع الشريف، الذي حث على الأخذ بالأسباب، ثم لا يكن منك التفات قلبي إلى هذا الأسباب، بل ليكن قلبك معلقا بمسببها تبارك وتعالى، عالما أنه لا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو، فإذا كمل إيمانك بالله، وصدقت في توكلك عليه، وتفويضك أمرك إليه، واستسلمت ظاهرا وباطنا لما يقدره سبحانه، لم تشعر بهذا التشاؤم، ولم يقدر الشيطان على إلقاء هذه الأفكار السيئة في قلبك، واجتهد في الدعاء بأن يصرف الله عنك هذه الأفكار، ويقبل بقلبك عليه، ويملأه بتوحيده، والثقة به، والتفويض له سبحانه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات