آداب مخاطبة الأم ونهيها عن المنكر

0 134

السؤال

لدي أخوة إن أخطأت أمي خطأ بسيطا تطاولوا بالكلام القاسي عليها ـ ولديها أخطاء كثيرة، وأنا أيضا لدي أخطاء ـ أسأل الله المغفرة ـ ولا أتطاول عليها، لأنني أراعي مشاعرها غالبا، وغالبا ما أقف بصفها، لكنهم في ذات الوقت يخافون من أبي، فهل هذا نفاق؟ وما حكمه؟ وما التوجيه الصحيح؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليكم بر أمكم والإحسان إليها، ولا تجوز لكم الإساءة إليها مهما كان حالها، وإذا كان إخوتك لا يسيئون إلى أبيهم خوفا منه ومع ذلك يجترئون على أمهم، فلا ريب أن ذلك أمر منكر ـ وإن كان صاحبه لا يوصف بالنفاق ـ لكنه خلل  ظاهر، فإن بر الأم من أوجب الواجبات، وهو آكد من بر الأب، فإن للأم ثلاثة أرباع البر، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من، قال: ثم أمك؟ قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. متفق عليه.

ومن البر مخاطبة الوالدين بالأدب والتوقير، قال تعالى: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء: 23ـ24}
قال القرطبي: وقل لهما قولا كريما ـ أي لينا لطيفا مثل: يا أبتاه، ويا أماه، من غير أن يسميهما، ويكنيهما، قال عطاء: وقال بن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب: كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله: وقل لهما قولا كريما ـ ما هذا القول الكريم؟ قال بن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ.

وإذا كانت الأم تقع في بعض المنكرات، فإن عليكم نهيها عن المنكر برفق وأدب من غير إغلاظ أو إساءة، فإن أمر الوالدين بالمعروف ونهيهما عن المنكر ليس كغيرهما، قال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله: قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي.

 فإن كان هذا هو الواجب في إنكار المنكر على الأم، فأحرى إذا كانت أخطاؤها ليست من المعاصي والمنكرات، فنصيحتنا لكم أن تتقوا الله في أمكم وتتواصوا فيما بينكم وتتعاونوا على برها ابتغاء وجه الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة