سبل استجلاب التقوى والاستقامة ورضا الله

0 118

السؤال

كيف أكون من المتقين، ومن أولياء الله، ومن عباده الذين استقاموا على الطريق المستقيم؟ وكيف يرضى الله عني؟ وكيف أعلم إن كنت كذلك أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فمن أراد أن يكون من أولياء الله تعالى، ويرضى الله عنه، فما عليه إلا أن يحقق الإيمان والتقوى؛ فقد قال الله تعالى في بيان صفة أوليائه: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم {سورة يونس: 62 - 64}.

قال السعدي -رحمه الله تعالى-: يخبر تعالى عن أوليائه وأحبائه، ويذكر أعمالهم وأوصافهم، وثوابهم فقال: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم} فيما يستقبلونه مما أمامهم من المخاوف والأهوال {ولا هم يحزنون} على ما أسلفوا، لأنهم لم يسلفوا إلا صالح الأعمال، وإذا كانوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ثبت لهم الأمن والسعادة، والخير الكثير الذي لا يعلمه إلا الله تعالى. ثم ذكر وصفهم فقال: {الذين آمنوا} بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، وصدقوا إيمانهم، باستعمال التقوى، بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، فكل من كان مؤمنا تقيا كان لله تعالى وليا. اهـ.

وتقوى الله إنما تنال بفعل ما أمر به سبحانه، واجتناب ما نهى عنه؛ قال ابن عاشر في المرشد المعين:

وحاصل التقوى اجتناب وامتثال     في ظاهر وباطن بذا تنال.

وانظر الفتوى رقم: 24800، وما أحيل عليه فيها.

وبين سبحانه الأعمال التي ينال بها العبد رضاه، فمن ذلك قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية * جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه {سورة البينة: 7 - 8}. فبالإيمان والعمل الصالح يرضى الله عن العبد.

وأما كيف تعلم أنك بلغت تلك المنزلة: فلتعلم أن العبد إذا اجتهد في تحقيق الإيمان والعمل الصالح وتقوى الله تعالى، فإنه ينال تلك المنزلة، وما عليه إلا أن يحسن الظن بربه سبحانه، ومع ذلك يظل خائفا من حصول تقصير وخلل، فيحيا العبد الصالح بين الخوف والرجاء، ولا يعلم هل تقبل الله منه أم لا؟ وهذه صفة عباده الذين يحبهم وأثنى عليهم بقوله تعالى: والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون * أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون {المؤمنون:60 - 61}.

روى الترمذي في سننه من حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} [المؤمنون: 60] قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا تقبل منهم {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون} [المؤمنون: 61].

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات