صلاة من قدر على القيام منفردًا ولم يقدر عليه في الجماعة

0 274

السؤال

أصلي قائما، وأواظب ـ والحمد لله ـ على الصلاة في المسجد جماعة، ولكنني أشعر بتعب شديد -لكنه متحمل ـ في حال إطالة الإمام في القراءة، فنصحني البعض بالجلوس بعد أن يتم الإمام قراءة الفاتحة، فلم أفعل؛ نظرا لأنني أعلم من نفسي استطاعة الوقوف كامل الركعة؛ لذلك قررت الحضور إلى صلاتي الفجر والعشاء في نصف الركعة الأولى حتى أستطيع القيام فيها، والركعة الثانية غالبا ما تكون أقصر منها، وأستطيع القيام فيها بلا تعب، أما الظهر والعصر والمغرب فغالبا لا توجد فيها مشكلة، فالإمام لا يطيل القراءة فيها، فهل ما أفعله جائز شرعا؟ أم يجب أن أحضر تكبيرة الإحرام في كل الصلوات، ومتى شعرت بالتعب أجلس؟ وهل أكون آثما لتعمد وصولي المسجد في نصف أو آخر الركعة الأولى؟ وجزاكم الله تعالى خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلا شك في فضيلة إدراك تكبيرة الإحرام، إلا أن إدراكها مستحب لا واجب، قال الإمام النووي في المجموع: يستحب المحافظة على إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام... اهـ. وقد بينا في الفتوى رقم: 157273، أن الواجب إدراك صلاة الجماعة لا إدراك أولها.

وما ذكرته من التعب الشديد الذي تشعر به بسبب طول القيام ربما يكون عذرا في ترك القيام والصلاة قاعدا، إذا كان ذلك التعب يذهب الخشوع، وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 315235، ضابط المشقة المبيحة للقعود في الصلاة، فانظرها.

وإذا كنت ممن يجوز له القعود بسبب مشقة طول قيام الإمام، وكنت قادرا على أن تصلي منفردا قائما بدون مشقة، فقد اختلف أهل العلم فيمن قدر على القيام لو صلى وحده، وعجز عنه لو صلى جماعة هل يصلي مع الجماعة جالسا أم يصلي قائما منفردا؟

فمن أهل العلم من قال: يخير بينهما، ومنهم من قال: يصلي مع الجماعة أولى، ومنهم من قال: يصلي منفردا، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: لو قدر على الصلاة قائما منفردا وجالسا في الجماعة خير بينهما على الصحيح من المذهب... وقيل: صلاته في الجماعة أولى، وقيل: تلزمه الصلاة قائما، قلت: وهو الصواب؛ لأن القيام ركن لا تصح الصلاة إلا به مع القدرة عليه، وهذا قادر، والجماعة واجبة تصح الصلاة بدونها... اهـ.

وقال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق شرح كنز الدقائق: لو كان بحال لو صلى منفردا يقدر على القيام ولو صلى مع الإمام لا يقدر، فإنه يخرج إلى الجماعة ويصلي قاعدا، وهو الأصح كما في المجتبى... وصحح في الخلاصة أنه يصلي في بيته قائما قال: وبه يفتى، واختار في منية المصلي القول الثالث، وهو أنه يشرع قائما ثم يقعد، فإذا جاء وقت الركوع يقوم ويركع، والأشبه ما صححه في الخلاصة؛ لأن القيام فرض فلا يجوز تركه لأجل الجماعة التي هي سنة، بل يعد هذا عذرا في تركها. اهـ.

ولعل ما صححه المرداوي، وابن نجيم من كونه يصلي منفردا قائما هو الأقوى.

والله أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات