حكم نشر الرسائل التي تحتوي على أذكار مكررة بعدد معين

0 137

السؤال

تأتيني في بعض الأحيان رسائل يكتب فيها مثلا: (سبحان الله مكررة 30 مرة) ويكتب في آخرها: انشرها لتؤجر، بعض الأحيان أقوم بنشر الرسائل المماثلة لها، وبعض الأحيان لا أفعل؛ لأنني أكون مشغولة، أو لأن البعض لا يريد أن تصله هذه الرسالة، أي ينزعج منها (أعلم أني إذا لم أنشرها فأنا الخاسرة) وفي مرة بحثت عن حكم نشر الرسائل التي فيها ذكر الله، ولكن لم أجد الإجابة.
فهل آثم لعدم نشرها، أو للبحث عن حكم نشر مثل هذه الرسائل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإنك لا تأثمين إذا تركت نشر مثل تلك الرسائل، وتؤجرين إن شاء الله تعالى على البحث عن الحكم؛ لأن ذلك دليل على ما في قلبك من حب الخير، وخشية فواته، مع ما في ذلك من طلب العلم.

 والذي نراه -والله أعلم- أن مثل هذه الرسائل التي يبتكرها بعض الناس، ككتابة التسبيح ثلاثين، أو مائة مرة في رسالة نصية، أو كلمة الاستغفار عشر مرات، يريد من الناس قراءتها كلها ونشرها، هو مما يفسد أكثر مما يصلح، ويضر أكثر مما ينفع؛ لما تبعثه في نفوس الناس من الضجر منها، بسبب طول القراءة ونحو ذلك، لا سيما إذا كان فيها بعض العبارات المحرجة، مثل "انشر تؤجر"، أو "أعد نشرها"، أو "لا تعلم كم يكون لك من أجر في نشرها"، أو "لا تعلم كم شخصا يقرؤها بعدك"، وهذا يفوت العمل بما كتب فيها، وإن كانت حقا وخيرا.

 ولو استبدلت بنشر الأحاديث الحاثة على الاستغفار، أو التسبيح بعدد معين، لكان ذلك أولى، وأصلح وأنفع، كقوله صلى الله عليه وسلم: من قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، إلا أحد عمل أكثر من ذلك.

وقوله صلى الله عليه وسلم: من قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حطت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر. 

وقوله صلى الله عليه وسلم: أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم؟ ولا يكون أحد أفضل منكم، إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ تسبحون، وتكبرون، وتحمدون، دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة.

وقوله صلى الله عليه وسلم: من قال: حين يصبح، وحين يمسي: سبحان الله وبحمده، مائة مرة، لم يأت أحد يوم القيامة، بأفضل مما جاء به، إلا أحد قال مثل ما قال، أو زاد عليه. ونحو هذه الأحاديث الصحيحة، لكن بعد التأكد من صحتها.

 وذلك لأن نفس المسلم أشد ارتياحا إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وتقبلا للعمل به، من إلزامها بتكرار ذكر معين، لا سيما المكتوب مكررا، بل إن أجرك إذا فعلت ذلك، يكون أعظم بكثير، من أجر إرسال تلك الرسائل؛ لأمور:

أحدها: أنك تكونين بذلك قد نشرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم، مع ما فيه من الحث على هذه الأذكار المعينة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.

الثاني: أن ذلك أدعى إلى استمرار نشره؛ فإن كثيرا من الناس يضجرون من هذه الرسائل كما ذكرنا، بل قد لا يقرؤها أصلا، بل يحذفها فورا، بخلاف الأحاديث النبوية الصحيحة، ومن لم يضجر من تلك الرسائل، قد يخشى أن يكون فيها نوع إزعاج لغيرهم، فلا يعيدون إرسالها، كما هو حالك.

الثالث: أن غالب من يقرأ مثل هذه الرسائل، يقرؤها بعينيه لا بلسانه، فلا يحصل له أجر الذكر القولي؛ لعدم إجزائه إلا باللسان، وحينئذ فلا يكون لك أجر عملهم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 171933. وهذا بخلاف من يقرأ الحديث،  فإنه بعد أن يقرأه، سيبدأ بعمل ما فيه من ذكر، بلسانه غالبا.

وإضافة إلى ذلك، فإن من الناس من ينشر أذكارا معينة لا أصل لها، وقد يذكر فيها فضلا، وهو كذب، ويعسر معرفة حقيقتها وحكمها، بخلاف الأحاديث، فإنك تقدرين على التأكد من صحتها قبل إرسالها، من خلال بعض المواقع الموثوقة على الشبكة، كموقع الدرر السنية مثلا.

وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 278260.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة