أكل البصل والثوم في حق النبي صلى الله عليه وسلم

0 154

السؤال

لم يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أبدا أنه أكل البصل، أو الثوم دون طبخ؛ لرائحتهما الخبيثة، قال قرة المزني: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هاتين الشجرتين الخبيثتين، وقال: (من أكلهما فلا يقربن مسجدنا)، وقال: (إن كنتم لا بد آكليه، فأميتموهما طبخا) قال: يعني البصل، والثوم. إرواء الغليل (جزء 8/ ص155)، وقال الألباني: إسناده جيد. فهل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكل البصل، أو الثوم مطبوخين، وفقا لهذا الحديث؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالحديث المشار إليه حديث صحيح، رواه مسلم، وغيره، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام أكل منه، وبعث بفضله إلي، وإنه بعث إلي يوما بفضلة لم يأكل منها؛ لأن فيها ثوما، فسألته: أحرام هو؟ قال: لا، ولكني أكرهه من أجل ريحه، قال: فإني أكره ما كرهت. وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلوه.. فإني لست كأحد منكم، إني أخاف أن أوذي صاحبي، وفي رواية: إني أناجي من لا تناجي.

وقد عنون له بعض العلماء بقوله: عدم أكل النبي صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل.

ونص المالكية على حرمة أكل الثوم والبصل عليه صلى الله عليه وسلم إذا كان نيئا، قال العلامة خليل في المختصر: وحرمة الصدقتين عليه، وعلى آله، وأكله كثوم. اهـ.

قال شراحه: كثوم، وبصل، وفجل، وكراث، وسائر ما له رائحة كريهة إذا كان نيئا؛ لأنه يناجي الملائكة، فإن طبخ جاز، قال الحطاب في مواهب الجليل: وهذه -الحرمة- في النيئ، وأما في المطبوخ فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم أكل طعاما طبخ ببصل، ذكره الزركشي من الشافعية في الخادم، والله أعلم. اهـ.

وقال النووي في شرح مسلم: واختلف أصحابنا في حكم الثوم في حقه صلى الله عليه وسلم، وكذلك البصل، والكراث، ونحوها، فقال بعض أصحابنا: هي محرمة عليه، والأصح عندهم أنها مكروهة كراهة تنزيه، ليست محرمة. اهـ.

وجاء في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: قال الزركشي: موضع الكراهة في النيئ، أما المطبوخ فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم أكل طعاما فيه بصل. اهـ.

وروى الإمام أحمد، وأبو داود، وغيرهما عن عائشة -رضي الله عنها- أنها سئلت عن البصل، فقالت: إن آخر طعام أكله رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيه بصل. زاد البيهقي أنه كان مشويا في قدر، أي: مطبوخا. والحديث ضعفه الألباني، والأرناؤوط، وقال عنه الصالحي في سبل الهدى والرشاد: إسناده جيد.

وعلى هذا؛ فإن المحرم عليه، أو المكروه في حقه صلى الله عليه وسلم، هو أكلهما نيئين

وأما أكلهما بعد طبخهما؛ فقد رأيت ما جاء في الحديث، وما قاله العلماء أنه صلى الله عليه وسلم أكل البصل المطبوخ مع الطعام، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: فمن أكلهما، فليمتهما طبخا رواه مسلم. وذلك؛ لأن إماتتهما بالطبخ، تزيل الرائحة الكريهة التي هي مناط الحكم عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة