واجب من نزلت به نازلة ولم يجد من يفتيه

0 94

السؤال

ماذا أفعل إذا ضاق الوقت عن سؤال أهل العلم؛ لكون المسألة فورية؟ ما هو الواجب علي حينها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإذا كنت تعلم قولا لأحد أهل العلم في تلك المسألة التي عرضت لك، فاعمل به، وإن لم تعلم قولا لأهل العلم فيها، فلا بد أن تبذل جهدك في تحري الحق، وقيل بسقوط التكليف عنك بخصوص تلك الحادثة، وقيل لك أن تتخير.

قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في إعلام الموقعين: إذا نزلت بالعامي نازلة وهو في مكان لا يجد من يسأله عن حكمها، ففيه طريقان للناس:

أحدهما: أن له حكم ما قبل الشرع،على الخلاف في الحظر، والإباحة، والوقف؛ لأن عدم المرشد في حقه، بمنزلة عدم المرشد بالنسبة إلى الأمة.

والطريقة الثانية: أنه يخرج على الخلاف في مسألة تعارض الأدلة عند المجتهد، هل يعمل بالأخف، أو بالأشد، أو يتخير؟ والصواب أنه يجب عليه أن يتقي الله ما استطاع، ويتحرى الحق بجهده ومعرفة مثله، وقد نصب الله تعالى على الحق أمارات كثيرة، ولم يسو الله سبحانه وتعالى بين ما يحبه، وبين ما يسخطه من كل وجه بحيث لا يتميز هذا من هذا، ولا بد أن تكون الفطر السليمة; مائلة إلى الحق، مؤثرة له، ولا بد أن يقوم لها عليه بعض الأمارات المرجحة ولو بمنام أو بإلهام، فإن قدر ارتفاع ذلك كله، وعدمت في حقه جميع الأمارات، فهنا يسقط التكليف عنه في حكم هذه النازلة، ويصير بالنسبة إليها كمن لم تبلغه الدعوة، وإن كان مكلفا بالنسبة إلى غيره; فأحكام التكليف تتفاوت بحسب التمكن من العلم والقدرة ... اهـــ
وجاء في الموسوعة الفقهية: من لم يجد من يفتيه في واقعته:

إذا لم يجد المكلف من يفتيه في واقعته، يسقط عنه التكليف بالعمل إذا لم يكن له به علم، لا من اجتهاد معتبر ولا من تقليد؛ لأنه يكون من باب التكليف بما لا يطاق، ولأن شرط التكليف العلم به، وقياسا على المجتهد إذا تعارضت عنده الأدلة، وتكافأت فلم يمكنه الترجيح، ويكون حكمه حكم ما قبل ورود الشرع، وكمن لم تبلغه الدعوة.

وقال ابن القيم: في المسألة قول آخر، أنه يخرج حكمها على الخلاف في مسألة تعارض الأدلة، وفيها الأقوال: أنه يأخذ بالأشد، أو بالأخف، أو يتخير. ثم قال: والصواب أن عليه أن يتحرى الحق بجهده ومعرفة مثله ويتقي الله، قال: وقد نصب الله تعالى على الحق أمارات كثيرة، ولم يسو بين ما يحبه وما يسخطه من كل وجه، بحيث لا يتميز هذا من هذا، والفطر السليمة تميل إلى الحق وتؤثره، فإن قدر ارتفاع ذلك كله، يسقط عنه التكليف في هذه الواقعة، وإن كان مكلفا بالنسبة إلى غيرها. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة