إثبات صحة احتجاج الإمام البخاري بعكرمة

0 116

السؤال

ما تقولون في أن البخاري روى عن عكرمة، وقد كذبه أئمه كبار كسعيد بن المسيب وغيره؟ أليس هذا من الخطأ عند البخاري؟ والخطأ الثاني لم يروي البخاري عن الزهري في حديث الانتحار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلم أن بلاغات الزهري لا تقبل، أليس هذا خطأ عند البخاري؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهاتان المسألتان ليستا خطأين كما زعمت، بل للإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في ذلك دليله ومنهجه المتقن حتى قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في شرح مسلم: اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن الكريم الصحيحان: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول. انتهى.

فأما المسألة الأولى: فقد وثق كثير من أئمة الحديث التابعي الجليل عكرمة ـ رحمه الله ـ واحتجوا به، منهم أحمد وابن معين والنسائي وأبو حاتم والعجلي وغيرهم، وقد نقل كلام كثير منهم الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري، ومما نقله رحمه الله: وقال البخاري: ليس أحد من أصحابنا إلا احتج بعكرمة، وقال جعفر الطيالسي عن ابن معين: إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة فاتهمه على الإسلام، وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين أيما أحب إليك عكرمة عن ابن عباس أو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنه؟ قال كلاهما، ولم يختر، فقلت فعكرمة أو سعيد بن جبير؟ قال ثقة، وثقة، ولم يختر، وقال النسائي في التمييز وغيره: ثقة، وتقدم توثيق أبي حاتم والعجلي، وقال المروزي: قلت لأحمد بن حنبل يحتج بحديثه؟ قال نعم، وقال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي: أجمع عامة أهل العلم على الاحتجاج بحديث عكرمة، واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا منهم أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور ويحيى بن معين، ولقد سألت إسحاق عن الاحتجاج بحديثه، فقال عكرمة عندنا إمام أهل الدنيا، وتعجب من سؤالي إياه، قال: وحدثنا غير واحد أنهم شهدوا يحيى بن معين وسأله بعض الناس عن الاحتجاج بعكرمة، فأظهر التعجب، وقال علي بن المديني: كان عكرمة من أهل العلم، ولم يكن في موالي ابن عباس أغزر علما عنه، وقال بن منده: قال أبو حاتم: أصحاب ابن عباس عيال على عكرمة، وقال البزار: روى عن عكرمة مائة وثلاثون رجلا من وجوه البلدان كلهم رضوا به، وقال العباس بن مصعب المروزي: كان عكرمة أعلم موالي ابن عباس وأتباعه بالتفسير، وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: كان عكرمة من أثبت الناس فيما يروي، ولم يحدث عمن هو دونه أو مثله أكثر حديثه عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وقال أبو جعفر ابن جرير: ولم يكن أحد يدفع عكرمة عن التقدم في العلم بالفقه والقرآن وتأويله وكثرة الرواية للآثار، وأنه كان عالما بمولاه. انتهى.

وإذا أردت الاستزادة فارجع إلى مقدمة الفتح، فقد أطال الكلام على صحة احتجاج الإمام البخاري بعكرمة رحمهما الله تعالى.
وأما المسألة الثانية: فقد وجه الدكتور عماد الشربيني جوابا عن ذلك في رسالته للدكتوراه والتي بعنوان: رد شبهات حول عصمة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: لعل الإمام البخاري وغيره ممن أخرج هذه الزيادة أرادوا بذلك التنبيه إلى مخالفتها لما صح من حديث بدء الوحي الذي لم تذكر فيه هذه الزيادة، وخصوصا أن البخاري لم يذكر هذه الزيادة في بدء الوحي ولا التفسير، وإنما ذكرها في التعبير. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة