الفرق بين: فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ، وبين: فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ

0 95

السؤال

في سورة القصص: وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ۖ فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني ۖ إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ـ ويقول الله تعالى عن فرعون: فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ۖ فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ـ في الأولى: فألقيه في اليم ـوفي الثانية: فنبذناهم في اليم ـ فما الفرق بين الاثنين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمعنى النبذ والإلقاء واحد عند علماء اللغة، قال في اللسان: نبذ: النبذ: طرحك الشيء من يدك أمامك أو وراءك، نبذت الشيء أنبذه نبذا إذا ألقيته من يدك، ونبذته، شدد للكثرة، ونبذت الشيء أيضا إذا رميته وأبعدته، ومنه الحديث: فنبذ خاتمه، فنبذ الناس خواتيمهم ـ أي ألقاها من يده، وكل طرح: نبذ، نبذه ينبذه نبذا، والنبيذ: معروف، واحد الأنبذة، والنبيذ: الشيء المنبوذ، والنبيذ: ما نبذ من عصير ونحوه، وقد نبذ النبيذ وأنبذه وانتبذه ونبذه ونبذت نبيذا إذا اتخذته، والعامة تقول أنبذت، وفي الحديث: نبذوا وانتبذوا. انتهى.

ويفسرون كذلك النبذ بالإلقاء، لكنهم يخصون النبذ بإلقاء الشيء البالي المحتقر، فهذا سر التعبير بالنبذ دون الإلقاء في خبر فرعون، وذلك أنهم ألقوا غير مكترث بهم كأنهم شيء بال حقير، وليس كذلك إلقاء أم موسى ولدها في اليم، قال الألوسي رحمه الله: فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ـ أي ألقيناهم وأغرقناهم فيه، وقد مر تفصيل ذلك، وفي التعبير بالنبذ وهو إلقاء الشيء الحقير وطرحه لقلة الاعتداد به، ولذلك قال الشاعر: نظرت إلى عنوانه فنبذته... كنبذك نعلا من نعالك باليا... استحقارا لهم، وفي الكلام على ما قيل استعارة مكنية وتخييلية، وذلك أنهم شبهوا في الحقارة بنعال بالية، واستعير لهم اسم النعال، ثم حذف المستعار وبقي المستعار له، وجعل النبذ قرينة على أنه حقيقة، والمجاز في التعلق على نحو ما قيل في أظفار المنية نشبت بفلان، وقال بعضهم: الأخذ وهو حقيقة في التناول مجاز عن خلق الداعية لهم إلى السير إلى البحر، والنبذ مجاز عن خلق الداعية لهم إلى دخوله، وفي البحر أنه كناية عن إدخالهم فيه، والأولى أن يكون الكلام من باب التمثيل كأنه عز وجل فيما فعل بهم أخذهم مع كثرتهم في كف وطرحهم في اليم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات