الاختلاط يختلف حكمه بحسب انضباطه بالضوابط الشرعية

0 86

السؤال

مسألة الاختلاط يشكل علي فهمها كثيرا، والسبب في ذلك هو اختلاف قولكم وفتواكم فيها، ففي بعض الفتاوى تحكمون بالجواز، وفي فتاوى أخرى تحكمون بعدمه، فأريد أن أسألكم عن حكم الاختلاط، وهل قال أحد من العلماء بجوازه مطلقا في كل حال، وإن كانت النساء متبرجات؟ وهل قال آخرون بمنعه على كل حال؟ أريد بيان أقوال العلماء بالتفصيل في المسألة.
وبالنسبة لإجابتكم عن سؤالي عن الأكل في المطاعم المختلطة مع أسرتي، فهل يجوز ذلك إن كانت أمي تكشف وجهها وكفيها، وأنا أرى عدم جواز كشف الوجه والكفين على مذهب من أقلده؟
وما الحكم أيضا إذا كانت أختي لا تلتزم بالحجاب الشرعي الصحيح، وتكشف زينتها للأجانب، مع العلم أني قد خاطبت والدي ووالدتي مرارا بذلك، ولم يستجيبا لي؟ وهل يلحقني إثم في ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فاجتماع الرجال والنساء في مكان واحد، ليس ممنوعا بإطلاق، ولا مباحا بإطلاق، ولكن الحكم يختلف حسب انضباط هذا الاجتماع بالضوابط الشرعية، أو عدم انضباطه، وراجع الفتوى رقم: 195111.

وبناء على هذا؛ تختلف الفتاوى، ويختلف كلام أهل العلم على الاختلاط بين مانع ومجيز، فحيث كان الاجتماع منضبطا بضوابط الشرع، كان جائزا، وحيث اشتمل على ما يخالف الشرع، كالتبرج، والتماس، والخضوع بالقول، ونحو ذلك، فهو محظور.

وأما جلوسك في المطاعم مع أمك وهي كاشفة وجهها وكفيها؛ لاعتقادها جوازه، وأنت تعتقد عدم الجواز، فبعض أهل العلم يرى جواز ذلك، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:  ...إذا كان الإنسان يفعل الفعل وأنت ترى أنه حرام، وهو يرى أنه مباح، فهل يجوز أن تبقى معه؛ لأنه فعل محرما عندك، أم لا يجوز؟ ... فهل العبرة باعتقاد الفاعل، أو باعتقاد الجالس؟

الذي يظهر لي: أن العبرة باعتقاد الفاعل، فإذا كان يرى أنه حلال، وليس فيه نص واضح يبطل اجتهاده، فالعبرة في فعله. اهـ.

وأما عن أختك التي تكشف زينتها للأجانب، فإنك إذا نهيتها عن ذلك، وبينت لها حكم الشرع، فلا إثم عليك -إن شاء الله- وراجع الفتوى رقم: 340687.

وننبه إلى أن التكلف في السؤال، وكثرة التشقيق في المسائل، أمر مذموم شرعا، وفيه إضاعة لوقت السائل والمسؤول، قال ابن القيم -رحمه الله- واصفا حال الصحابة -رضي الله عنهم- مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولكن إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم من الواقعات، ولم يكونوا يسألونه عن المقدرات، والأغلوطات، وعضل المسائل، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها، بل كانت هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به، فإذا وقع بهم أمر سألوا عنه، فأجابهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة