مصلحة التقارب في السنّ بين الزوجين قد تترك لمصلحة أعلى منها

0 102

السؤال

لماذا لم يزوج الرسول صلى الله عليه وسلم فاطمة لأبي بكر أو عمر، وعلل ذلك بأنها صغيرة، في حين أنه تزوج من عائشة في سن أصغر، وفارق السن كان أكبر بين الرسول صلى الله عليه وسلم وعائشة عن فارق السن بين أبي بكر وعمر وفاطمة؟ قال السندي في شرحه على سنن النسائي: فيه أن الموافقة في السن أو المقاربة مرعية، لكونها أقرب إلى الألفة، نعم، قد يترك ذلك لما هو أعلى منه، كما في تزويج عائشة ـ رضي الله عنها ـ فما معنى قوله: لما هو أعلى منه؟ وهل يمكن أن يوجد زواج أعلى من زواج أبي بكر وعمر إلا في زواج الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل يمكن أن يحمل هذا على خصوصية للسيدة فاطمة أو للرسول صلى الله عليه وسلم؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمعنى قول السندي رحمه الله: قد يترك ذلك لما هو أعلى منه ـ أن مصلحة المقاربة في السن بين الزوجين قد تترك لمصلحة أعلى منها، كأن يكون الزوج صاحب فضل، وفيه من الصفات ما يجعل تزويجه مصلحة أعلى من مصلحة مراعاة تقارب السن، كما حصل في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة ـ رضي الله عنها ـ فقد كانت صغيرة، لكن زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم مصلحة عظيمة أعلى من مصلحة زواجها من مقارب لها في السن، لما هو معلوم من فضل النبي صلى الله عليه وسلم على من سواه، فليس فضل أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ على علي رضي الله عنه كفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم على غيره، ولذلك قدمت مصلحة التقارب في السن في هذه الحال، جاء في ذخيرة العقبى في شرح المجتبى للأثيوبي: قد أشار السندي ـ رحمه الله تعالى ـ في كلامه المذكور إلى جواب استشكال وارد على حديث الباب، وهو أنه صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة، وهي صغيرة، فكيف قال لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما: إنها صغيرة؟ وحاصل الجواب أن الموافقة في السنن، أو المقاربة فيه إنما يعتبر فيما إذا لم يكن للزوج فضل يجبر ذلك، وإلا فلا بأس بالتفاوت فيه، ولذلك تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ وهي بنت ست سنين، وهو فوق خمسين سنة، لما ذكرنا، فإن قيل: قد كان لأبي بكر وعمر فضل يؤدي الغرض، فلماذا لم يعتبر؟ قلنا: نعم، لا ينكر فضلهما، وشرفهما ـ رضي الله تعالى عنهما ـ إلا أن لعلي رضي الله تعالى عنه زيادة فضل عليهما بالنسبة لفاطمة رضي الله تعالى عنها، وهو كونه مقاربا لها في السن، وهو الذي يحصل به الغرض من النكاح، وهو دوام الألفة والمحبة بين الزوجين، كما ذكرنا، فلذا قدمه النبي صلى الله عليه وسلم عليهما لذلك. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة