دفع توهم التعارض في نصوص التوبة

0 175

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ما الجمع بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم"إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه"وبين قول الله تعالي: قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا" وآيات أخرى والحديث القدسي لو أتيتني بقراب الأرض خطايا....الخ الحديث أتمنى التوضيح ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يوجد تعارض في حقيقة الأمر بين نصوص الوحي؛ لأن الكل من عند الله تعالى، وقد قال سبحانه: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[النساء:82]. وما يظهر من تعارض إنما هو لاختلاف العقول في فهم مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تعارض والحمد لله بين ما ذكر السائل من نصوص، فإن ما ورد منها مطلقا في مغفرة الله للذنوب فهو مقيد بمن تاب، لذا قال ابن كثير عند تفسير آية سورة الزمر: إن الله يغفر الذنوب جميعا[الزمر:53] قال: هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها، وإن كانت مهما كانت، وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر، ولا يصح حمل هذه على غير توبة؛ لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه. هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن هذه النصوص مقيدة بالمشيئة. قال القرطبي في تفسيره، عند الكلام عن الآية نفسها: أي ويغفر الله لمن يشاء. وقد عرف الله عز وجل من شاء أن يغفر له، وهو التائب، أو من عمل صغيرة ولم تكن له كبيرة، ودل على أنه يريد التائب ما بعده (وأنيبوا إلى ربكم)[الزمر:54] فالتائب مغفور له ذنوبه جميعا يدل على ذلك (وإني لغفار لمن تاب)[طـه:82]. انتهى كلام القرطبي. فإذا كان الأمر كذلك دل على أن هذه النصوص لا تعارض ما جاء معلقا بالمشيئة من نصوص القرآن والسنة. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات