بطلان الأعمال الصالحة.. رؤية شرعية

0 77

السؤال

في الفتوى رقم: 117695 قلتم: ونحذرك من أن الكبائر تبطل ثواب الأعمال الصالحة؛ فالله سبحانه يقول: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم {محمد:33}.
فهل هي دائما تبطل الأعمال، أم يكون ذلك أحيانا؟ وإن كانت لا تبطل إلا أحيانا فمتى تبطل؟ وهل الصغائر تبطل الأعمال كذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فاعلم أن أصحاب الكبائر تحت مشيئة الرب تعالى، فإن شاء عاقبهم بذنوبهم، وهذا معنى إحباط كبائرهم لحسناتهم، وهو أنهم يعاقبون بها في النار، وإما أن يعفو عنهم برحمته، وأما الإحباط الكلي للحسنات؛ فإنه لا يكون إلا بالشرك عياذا بالله.

  قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: فقوله أن يحبط عمله، أي يحرم ثواب عمله؛ لأنه لا يثاب إلا على ما أخلص فيه. وبهذا التقرير يندفع اعتراض من اعترض عليه بأنه يقوي مذهب الإحباطية، الذين يقولون إن السيئات يبطلن الحسنات. وقال القاضي أبو بكر بن العربي في الرد عليهم: القول الفصل في هذا أن الإحباط إحباطان: أحدهما إبطال الشيء للشيء وإذهابه جملة، كإحباط الإيمان للكفر، والكفر للإيمان، وذلك في الجهتين إذهاب حقيقي. ثانيهما: إحباط الموازنة، إذا جعلت الحسنات في كفة، والسيئات في كفة. فمن رجحت حسناته نجا، ومن رجحت سيئاته وقف في المشيئة، إما أن يغفر له، وإما أن يعذب. فالتوقيف إبطال ما؛ لأن توقيف المنفعة في وقت الحاجة إليها إبطال لها، والتعذيب إبطال أشد منه إلى حين الخروج من النار، ففي كل منهما إبطال نسبي أطلق عليه اسم الإحباط مجازا، وليس هو إحباط حقيقة؛ لأنه إذا أخرج من النار وأدخل الجنة، عاد إليه ثواب عمله. وهذا بخلاف قول الإحباطية الذين سووا بين الإحباطين، وحكموا على العاصي بحكم الكافر، وهم معظم القدرية. والله الموفق. انتهى.

  وأما الصغائر فإنها تكفر باجتناب الكبائر، كما قال تعالى: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما {النساء:31}. لكن الإصرار عليها قد يصيرها كبائر، فتحتاج لتوبة خاصة، وتكون بمنزلة الكبائر في تعريضها العمل للإحباط على الوجه المار تقريره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات