0 132

السؤال

هل عند التوبة من جميع الذنوب يجب ذكر جميع الذنوب التي ارتكبتها؟ وهل يجب ذكر هذه الذنوب في الصلاة؟ وهل عند ارتكاب أحد الذنوب والعودة إلى ذنب معين يجب تكرار التوبة من جميع الذنوب أو الذنب المرتكب فقط؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالعبد إما أن يتوب من ذنب معين، فعليه أن يستحضره ويعينه إذا أراد التوبة منه، فينويه بقلبه، وإما أن يتوب توبة عامة، وهي أنفع أنواع التوبة؛ لكونها تأتي على جميع الذنوب ما خطر ببال العبد، وما لم يخطر بباله، وما يذكره منها وما لا يذكره.

فينوي من أراد التوبة من جميع الذنوب التوبة إلى الله من كل ذنب، والاستقامة على شرعه سبحانه، ولا يلزمه ذكر تلك الذنوب التي يتوب منها لا في الصلاة ولا غيرها.

يقول ابن القيم رحمه الله: المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور، ولا يجوز تأخيرها، فمتى أخرها عصى بالتأخير، فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى، وهي توبته من تأخير التوبة، وقل أن تخطر هذه ببال التائب، بل عنده أنه إذا تاب من الذنب لم يبق عليه شيء آخر، وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة، ولا ينجي من هذا إلا توبة عامة، مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم، فإن ما لا يعلمه العبد من ذنوبه أكثر مما يعلمه، ولا ينفعه في عدم المؤاخذة بها جهله إذا كان متمكنا من العلم، فإنه عاص بترك العلم والعمل، فالمعصية في حقه أشد، وفي صحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل، فقال أبو بكر: فكيف الخلاص منه يا رسول الله؟ قال: أن تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم. فهذا طلب الاستغفار مما يعلمه الله أنه ذنب، ولا يعلمه العبد. وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو في صلاته: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت إلهي لا إله إلا أنت وفي الحديث الآخر: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، خطأه وعمده، سره وعلانيته، أوله وآخره . فهذا التعميم وهذا الشمول لتأتي التوبة على ما علمه العبد من ذنوبه وما لم يعلمه. انتهى.

وإذا عاد الشخص لذنب قد تاب منه، ثم أراد التوبة منه، فإنه يتوب منه بمفرده، ولا يعود إليه إثم ما تاب منه من الذنوب التي لم يعد إليها، بل إن العبد إذا تاب من ذنب، وهو مصر على غيره صحت توبته من هذا الذنب الذي تاب منه في أصح أقوال العلماء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات