تفسير قوله تعالى: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ

0 117

السؤال

الإخوة الأعزاء في إسلام ويب، أثناء تأملي في كتاب الله، في سورة الحشر، عرضت لي بعض الملاحظات، من بينها، قوله تعالى: "والذين تبوءو الدار والإيمان من قبلهم" لماذا لم يقل الحق: "والذين تبوءو الإيمان والدار من قبلهم" حتى يحكم الآية، ويقلل من التشابه؟
فوفق منطوق الآية: الأنصار تبوءوا الإيمان قبل المهاجرين! ألا يحتمل أنه لا يقصد الأنصار والمهاجرين الذين قرأنا ونقرأ عنهم في التراث الإسلامي؟
وهل هناك فرق بين "للفقراء المهاجرين" وبين "للمهاجرين الفقراء"؟
أرجو الرد.
شكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فمن الواضح أنك تعمل فكرك من غير آلة مكتملة، ولا ترجع إلى كتب التفسير، ومن ثم فنحن ننصحك بمراجعة كلام العلماء؛ فإنه يعينك على فهم الآيات.

وفي الآية إشكال أشار إليه العلماء، وهو أن الإيمان لا يتبوأ، ومن ثم قدروا فعلا بعد قوله: تبوءوا الدار {الحشر:9}، تقديره: وأخلصوا الإيمان، أو نحو ذلك.

وقوله: من قبلهم {الحشر:9}، لا يدل على أن الأنصار آمنوا قبل المهاجرين، بل معناه من قبل مجيئهم، أي المهاجرين إليهم، ووفودهم عليهم.

فالمهاجرون والأنصار هم المهاجرون والأنصار المعروفون لا غيرهم.

قال القاسمي في تفسير قوله تعالى: والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم {الحشر:9}: والذين تبوؤا الدار: أي دار الهجرة. أي توطنوها. والإيمان من قبلهم: أي من قبل مجيء المهاجرين إليهم. وعطف الإيمان قيل: بتقدير عامل. أي وأخلصوا الإيمان. وقيل: استعمل التبوؤ في لازم معناه، وهو اللزوم والتمكن. والمعنى: لزموا الدار والإيمان. وجوز أيضا تنزيل الإيمان منزلة المكان الذي يتمكن فيه، على أنه استعارة بالكناية، ويثبت له التبوؤ على طريق التخييل. انتهى.

وأما تقديم وصف الفقر على وصف الهجرة، فهو -والعلم عند الله تعالى- لكونه الوصف الذي استحقوا به أخذ الفيء.

قال الألوسي: وفي الكشف أن للفقراء ليس للقيد، بل بيانا للواقع من حال المهاجرين، وإثباتا لمزيد اختصاصهم كأنه قيل: لله وللرسول وللمهاجرين. انتهى.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات