التوفيق بين آية: "أم حسب الذين اجترحوا السيئات... وحديث: "التائب من الذنب...

0 109

السؤال

كيف نوفق بين حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب، كمن لا ذنب له". وبين الوعيد في الآية: "أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعله كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون"؟ فهل يشمل هذا الوعيد التائب حتى من الكبائر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

 فليس هناك أي وجه من وجوه التعارض بين الآية والحديث، فإن الآية في مرتكب السيئات المصر عليها، قال القاسمي: أم حسب الذين اجترحوا السيئات: أي: اكتسبوا سيئات الأعمال. أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون: أي: من عدم التفاوت.

قال الزمخشري: والمعنى إنكار أن يستوي المسيئون والمحسنون محيا، وأن يستووا مماتا؛ لافتراق أحوالهم أحياء، حيث عاش هؤلاء على القيام بالطاعات، وأولئك على ركوب المعاصي، ومماتا حيث مات هؤلاء على البشرى بالرحمة، والوصول إلى ثواب الله ورضوانه، وأولئك على اليأس من رحمة الله، والوصول إلى هول ما أعد لهم. انتهى.

وزد عليه: حيث عاش هؤلاء على الهدى والعلم بالله، وسنن الرشاد، وطمأنينة القلب، وأولئك على الضلال والجهل، والعبث بالفساد، واضطراب القلب، وضيق الصدر، بعدم معرفة المخرج المشار إليه بآية: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا [طه:124]. انتهى.

فهذه الآية في صنف من الناس مضى مصرا على المعاصي، مقيما عليها، ظانا أن الله يسوي بينهم وبين غيرهم ممن قضوا حياتهم في طاعة الله تعالى، وبئس الظن ظنوا.

وأما التائب الراجع إلى الله تعالى، فليس من هذا الصنف بسبيل، بل هو من الذين آمنوا وعملوا الصالحات. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات