كذب الرجل على امرأته بشأن الحب والمودة

0 76

السؤال

إذا سألتني زوجتي: من أحب الناس إليك؟ فهل يجوز أن أقول لها كاذبا: أنت. أقول (كاذبا) ليس لأني أكرهها، ولكن لأنني أحب والدي، والصالحين، ولا أستطيع تفضيل أحدهم على الآخر، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: عائشة، وزوجتي تريدني أن أفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.ثانيا: هل يجوز أن أسأل مثل هذه الأسئلة، التي أذكر فيها شيئا مما بين الزوجين؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

  فقد رخص بعض أهل العلم في كذب الزوج على زوجته، فيما يزيد الود والمحبة بينهما؛ لحديث أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل الكذب إلا في ثلاث: كذب الرجل امرأته ليرضيها، والكذب في الحرب، والكذب ليصلح بين الناس. رواه أحمد، والترمذي.

وروى مسلم في صحيحه: أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، أن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط -وكانت من المهاجرات الأول، اللاتي بايعن النبي صلى الله عليه وسلم- أخبرته، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرا، وينمي خيرا. قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها. اهـ.

قال النووي في شرح مسلم: قال القاضي: لا خلاف في جواز الكذب في هذه الصور، واختلفوا في المراد بالكذب المباح فيها ما هو؟ فقالت طائفة: هو على إطلاقه، وأجازوا قول ما لم يكن في هذه المواضع للمصلحة، وقالوا: الكذب المذموم ما فيه مضرة ... وقال آخرون -منهم الطبري-: لا يجوز الكذب في شيء أصلا، قالوا: وما جاء من الإباحة في هذا، المراد به التورية، واستعمال المعاريض، لا صريح الكذب، مثل أن يعد زوجته أن يحسن إليها، ويكسوها كذا، وينوي إن قدر الله ذلك، وحاصله أن يأتي بكلمات محتملة، يفهم المخاطب منها ما يطيب قلبه ... وأما كذبه لزوجته وكذبها له، فالمراد به في إظهار الود، والوعد بما لا يلزم، ونحو ذلك، فأما المخادعة في منع ما عليه أو عليها، أو أخذ ما ليس له أو لها، فهو حرام بإجماع المسلمين. اهـ.

وعليه؛ فإن قلت لزوجتك: إنها أحب الناس إليك، ولم تكن في الواقع كذلك، فهو داخل في الكذب المأذون فيه عند بعض الفقهاء.

ولا شك أن الأحوط أن يبتعد المسلم عن الكذب ما استطاع، ولو في حديثه مع زوجته.

فإذا سألتك زوجتك: من أحب الناس إليك؟ فأخبرها أنها أحب الناس إليك، واستثن في نفسك من أردت أن تستثنيهم، أو أنها أحب الناس الحب العاطفي، أو نحو ذلك.

ولا حرج على المسلم أن يستفتي أهل العلم في الأمور الزوجية، وقد كان الصحابة يستفتون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يحتاجون إليه من الأحكام الشرعية التي تقع بين الزوجين، سواء في الخصومة، أم المعاملة، أم المعاشرة وغير ذلك، فما دام هناك أمر يحتاج الزوجان، أو أحدهما إلى معرفة حكم الله فيه، فلا حرج في استفتاء أهل العلم عنه، ولا يدخل هذا فيما ورد النهي عنه من إفشاء الأمور الزوجية.

 والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة