الستر على السارق... رؤية شرعية

0 98

السؤال

التستر على السارق. حدثت سرقة، وحضر لدي السارق، وأعطاني المسروقات، وطلب مني في ذمتي ألا أخبر أحدا بالموضوع، ولكن هناك أشخاص كانوا متهمين في السرقة، ويريدون معرفة من هو السارق. مع أني أخبرتهم أن السارق ليس منهم. هل يتوجب علي إخبارهم من هو السارق. وللعلم هو وعدني أنه سوف يتوب عن هذا العمل، ولا يريد أن ينفضح، ولم يخرج الموضوع إلى الشرطة.
وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فاعلم أولا أن الستر على المسلم إنما يكون مندوبا في حق من لم يعرف بالفساد والشر، ووقعت منه الهفوة ونحوها، وأما من عرف بالشر والفساد، فإنه لا يندب ستره، بل يرفع أمره إلى الجهات المسؤولة حتى يقطع شره، ومن ستره فقد جرأه وأمثاله على الشر والفساد وأذية العباد.

قال الصنعاني في شرح حديث: ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. أخرجه مسلم: هو في حق من لا يعرف بالفساد والتمادي في الطغيان، وأما من عرف بذلك فإنه لا يستحب الستر عليه، بل يرفع أمره إلى من له الولاية إذا لم يخف من ذلك مفسدة، وذلك؛ لأن الستر عليه يغريه على الفساد، ويجرئه على أذية العباد، ويجرئ غيره من أهل الشر والعناد، وهذا بعد انقضاء فعل المعصية، فأما إذا رآه، وهو فيها فالواجب المبادرة لإنكارها، والمنع منها مع القدرة على ذلك، ولا يحل تأخيره؛ لأنه من باب إنكار المنكر، لا يحل تركه مع الإمكان. وأما إذا رآه يسرق مال زيد فهل يجب عليه إخبار زيد بذلك، أو ستر السارق؟ الظاهر أنه يجب عليه إخبار زيد، وإلا كان معينا للسارق بالكتم منه على الإثم، والله تعالى يقول: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} . اهـــ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ينبغي لمن يعلم أن هذه السلعة مسروقة أو مغصوبة أن يقوم بمناصحة من سرقها برفق ولين وحكمة ليرجع عن سرقته، فإن لم يرجع وأصر على جرمه فعليه أن يبلغ الجهات المختصة بذلك ليأخذ الفاعل الجزاء المناسب لجرمه، ولرد الحق إلى صاحبه، وذلك من باب التعاون على البر والتقوى، ولأن في ذلك ردعا للظالم عن ظلمه، ونصرة له وللمظلوم. اهـــ
وعلى هذا؛ فإن كان السارق -المشار إليه في السؤال- معروفا بالشر والفساد، فلا ينبغي لك أن تستره، بل ترفع أمره إلى الجهات المختصة حتى يكفوا شره عن المسلمين، وإن لم يكن معروفا بالشر والفساد فلا نرى حرجا في ستره حينئذ ما دامت السرقة قد تمت، وفي كل الأحوال يجب رد تلك المسروقات إلى أصحابها ولو بطريق غير مباشر؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 73637 .

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة