حفظ القرآن للحصول على وظيفة... رؤية شرعية

0 88

السؤال

بداية: أود أن أقدم شكري وتقديري لكم، ولكل القائمين على هذا المشروع العظيم؛ لما فيه من فائدة لشباب الإسلام والمسلمين -جزاكم الله عنا كل خير-.
المقر الذي أعمل به سينتقل إلى مكان جديد بعد عام ونصف إلى عامين أو أكثر حسب الأشغال، والذي سيكون أكبر مساحة، وسوف يبنى فيه مسجد لتقام فيه الصلاة، إضافة إلى بيت للإمام.
ولكي تكون إمام مسجد في المغرب فهناك شروط: منها: أن تحصل على تزكية الإمامة من المجلس العلمي المحلي، ومنها: أن تمتحن في حفظ 40 حزبا فأكثر من القرآن للحصول على هذه التزكية.
سؤالي: أنا دخلي محدود جدا، ومتزوج، وأكتري شقة، وثمن الكراء مكلف جدا، زيادة على تكاليف المعيشة -ولله الحمد-، وفكرت في أن أبادر إلى حفظ القرآن الكريم؛ للحصول على تزكية؛ حتى يتسنى لي إمامة المسجد، والاستفادة من السكن، فهل يجوز حفظ القرآن لسبب دنيوي، ألا وهو الاستفادة من السكن؟ وحتى أصدق الله أولا، وأكون صريحا مع نفسي ومعكم: لو لم تكن هناك استفادة من المنزل، لما بادرت لحفظ القرآن كاملا، فهل هذا العمل يجوز؟ وهل هذا الحديث النبوي يدخل في هذا الباب: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة"، يعني: ريحها، رواه أبو داود بإسناد صحيح؟
ونفع الله بكم المسلمين والإسلام، ولكم مني جزيل الشكر، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإذا كان الباعث لك على حفظ القرآن هو الحصول على الوظيفة؛ لأجل الاستفادة من السكن، ولولا ذلك لما حفظته -كما ذكرت-، فلا شك أن هذا داخل في الحديث الذي أشرت إليه: من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة. يعني: ريحها. رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم.

وهو أيضا عمل من أجل الدنيا، وداخل في قول الله تعالى: من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون {هود:15-16}، قال ابن كثير: من عمل صالحا التماس الدنيا، صوما أو صلاة أو تهجدا بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله: أوفيه الذي التمس في الدنيا من المثابة، وحبط عمله الذي كان يعمله التماس الدنيا، وهو في الآخرة من الخاسرين ... اهـــ.

وفي الحديث: فمن عمل عمل الآخرة للدنيا، لم يكن له في الآخرة نصيب. رواه أحمد، وابن حبان، وقد بوب الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابه "التوحيد" بابا، فقال: باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا. وذكر فيه الآية السابقة.

فعمل الطاعة من أجل تحقيق منفعة دنيوية، لولاها لما قام صاحبها بالعمل، يعتبر داخلا في الشرك، وتجب منه التوبة إلى الله.

والذي نوصيك به -أيها السائل- هو: أن تحفظ القرآن تعالى بنية التقرب إلى الله عز وجل، وستنال به ثواب الدنيا والآخرة، فقد قال سبحانه وتعالى: من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا {النساء:134}، والمعنى -كما في فتح القدير للشوكاني-: من كان يريد ثواب الدنيا: هو من يطلب بعمله شيئا من أمور الدنيا، فعند الله ثواب الدنيا والآخرة: فما باله يقتصر على أدنى الثوابين، وأحقر الأجرين، وهلا طلب بعمله ما عند الله سبحانه، وهو ثواب الدنيا والآخرة، فيحرزهما جميعا، ويفوز بهما. اهــ. وانظر للمزيد الفتوى رقم: 300781، والفتوى رقم: 197723.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات