حق الوالدين عظيم وطاعتهما في المعروف واجبة

0 118

السؤال

أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري، لدي مشكلة كبيرة في التعامل مع أهلي، فعلاقتي بهم سيئة جدا، فأمي تتدخل في أموري من أكبرها إلى أصغرها، فمثلا أكل الأندومي لا يعجبها، وكذا التأخر في السهر، حتى تقصير شعري ممنوع، وكل شيء ترفضه، ولا يمكن أن تقتنع برأي أحد، ولا يمكن النقاش معها أبدا، مهما كانت أسبابي منطقية، فهي دائما على صواب، ولا أعجبها في شيء، لا في لباسي، ولا في أفعالي، وكل شيء غريب قليلا خارج عن المألوف فممنوع علي، وأنا الآن في هذا العمر لا أطلب منها شيئا سوى تركي أفعل ما أريد؛ لأني في الحقيقة لا أفعل ما تريد، وعلاقتي بأبي أسوأ، فقد منعني من القراءة؛ كي لا أختار شيئا سيئا، ولا يمكنني أن أشرح له أن القراءة خير لي من فعل المعاصي، وهم لا يريدونني أن أفعل شيئا إلا الدراسة، والقرآن، ولا يجب أن أخطئ، وأضطر إلى القراءة بالخفاء؛ كي لا أعصي الله في أمور أخرى، وهم لا يفهمون أبدا أنني في هذا العمر لا أستطيع السيطرة على نفسي بأن لا أغضب الله، فكيف يمكنني التوفيق بين كل هذه الأمور؟ وقد قال لي أبي: إني غير راض عنك إذا قرأت.
أنا متعبة، فأمي ترفض كل شيء أقوله لها، ولا يمكن للمناقشة أن تكون في بيتنا أبدا، والمشكلة أنني لا أعرف الطاعة تقريبا، فلم أترب عليها، وهكذا صرت لا أفعل سوى ما أريد، وأترك أشياء كثيرة من أجلهم، ومهما فعلت من شيء جميل، فلا يمدحونني، ولا يفتخرون بي، وأنا قوية مع الجميع سواهم، وأهلي يصعب التفاهم معهم، مع أن الجميع يحبهم، وليس لدي سوى القليل من المشاعر تجاههم، فماذا أفعل كي أبرهم؟ فشخصيتي متنوعة، ونفسي متزعزعة الإيمان، فكيف أستطيع التوفيق بين رضى ربي وطاعة أهلي ودراستي وأهوائي ونفسي -أقسم بالله إني لا أستطيع السيطرة عليها-؟ ونحن عائلة ملتزمة متدينة جدا، ولكن المعاملة بيننا لا تسأل عنها، ولو لم يعطني الله النسيان لكنت انتحرت منذ زمان.
أعلم أنهم لا يريدون لي سوى الخير، لكن حتى كلمة أحبك لا أسمعها، وأبي يمنعني من شيء قد ارتكبه في الماضي، لكن الجميع ينسى كيف هو المراهق، ولا أريد أن أتزوج؛ كي لا أنجب أولادا مثلي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فحق الوالدين عظيم، وطاعتهما في المعروف واجبة، فلا تجوز لك مخالفة والديك في أمر ينتفعان به، ولا يضرك، قال ابن تيمية -رحمه الله-: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره، وجب، وإلا فلا. وراجعي حدود طاعة الوالدين في الفتوى رقم: 76303.

والواجب عليك توقير والديك، والحرص على مخاطبتها بالأدب، والرفق، قال تعالى: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء:23-24}، قال القرطبي(وقل لهما قولا كريما) أي: لينا لطيفا، مثل: يا أبتاه، ويا أماه، من غير أن يسميهما، ويكنيهما، قال عطاء، وقال ابن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب: كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته، إلا قوله: (وقل لهما قولا كريما)، ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ.

وعليك مجاهدة نفسك، وعدم الاستسلام لدواعي الهوى، والكسل، ونزغات الشيطان، التي تحملك على عصيان والديك في المعروف، والتقصير في برهما.

واعلمي أن الأخلاق تكتسب بالتعود، والتمرين، فعن أبي الدرداء قال: العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه. رواه الخطيب في تاريخه.

وأكثري من ذكر الله، ودعائه، فإنه قريب مجيب، ولمزيد من الفائدة يمكنك التواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة