حكم من حلف على الخروج من ملة الإسلام كاذبا

0 77

السؤال

شيوخنا الأفاضل، سؤالي كالتالي: ما حكم الحلف بالصيغة التالية، مع تعمد الكذب: اللهم إن كنت فعلت كذا وكذا، اللهم العني في الدنيا والآخرة، واحشرني مع إبليس في جهنم، وإني خارج من الإسلام؟
أفيدوني بما أفادكم الله، وأجركم على الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

 فمن حلف على الخروج من ملة الإسلام كاذبا وهو يعلم أنه كاذب، فقد ارتكب منكرا شنيعا وإثما فظيعا، بل ذهب بعض العلماء إلى أنه يكفر بذلك -والعياذ بالله- فعن ثابت بن الضحاك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا، فهو كما قال. رواه الجماعة إلا أبا داود. وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذبا، فهو كما قال. وإن كان صادقا، لم يعد إلى الإسلام سالما. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه.

قال القاري في المرقاة: فلو قال ذلك لشيء قد فعله، فهو يمين، كأن قال: إن كنت فعلت كذا فهو كافر، وهو عالم أنه قد فعله فهو يمين غموس، لا كفارة فيها إلا التوبة، وهل يكفر حتى تكون التوبة اللازمة عليه التوبة من الكفر وتجديد الإسلام؟ قيل: نعم; لأنه لما علقه بأمر كائن فكأنه قال ابتداء هو كافر. والصحيح أنه إن كان يعلم أنه يمين فيه الكفارة إذا لم يكن غموسا لا يكفر، وإن كان في اعتقاده أنه يكفر، فيكفر فيها بفعله؛ لأنه رضي بالكفر حيث أقدم على الفعل الذي علق عليه كفره، وهو يعتقد أنه يكفر إذا فعله. واعلم أنه ثبت في الصحيحين أنه قال: من حلف على يمين ملة غير الإسلام كاذبا متعمدا، فهو كما قال. فهذا يتراءى أعم من أن يعتقد يمينا أو كفرا، والظاهر أنه أخرج مخرج الغالب، فإن الغالب فيمن يحلف مثل هذه الأيمان أن يكون أهل الجهل والشر، لا من أهل العلم والخير، وهؤلاء لا يعرفون إلا لزوم الكفر على تقدير الحنث، فإن تم هذا فالحديث شاهد لمن أطلق القول بكفره.. انتهى.

وبه تعلم أن الواجب على قائل هذا الكلام أن يتوب إلى الله توبة نصوحا، وأن يندم على ما فرط منه من المنكر العظيم، وأن يجتهد في فعل الحسنات الماحية؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات.

وأما دعاؤه على نفسه باللعنة والحشر مع إبليس، فمنكر آخر زائد على ما تقدم، فليتب إلى الله منه كذلك، وليجتهد في الدعاء لنفسه بخير الدنيا والآخرة، ثم إن ترتب على ما فعله إضاعة حق ذي حق، فلا بد من رد الحق إلى صاحبه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة