تعلق الفتاة بفرقة غنائية من الذكور

0 61

السؤال

أولا: جزاكم الله خيرا على كل ما تقومون به، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.
أنا فتاة مراهقة في سن السبعة عشرة من عمري، ملتزمة من جوانب كثيرة، منها الحجاب، والصلوات، وعدم التواصل مع الشباب، ومثل هذه الأشياء، لكن مشكلتي تكمن في معصية تعلقت بها، ألا وهي فرقة غناء كورية للذكور، أتابعهم منذ سنتين تقريبا، أتابع أغانيهم، وأخبارهم، ورقصاتهم، وبرامجهم، وأحفظ صورهم في هاتفي، وأحبهم لشخصياتهم اللطيفة، والعفوية، علما أن مواضيع أغانيهم ليست خليعة، بل أغلبها تتحدث عن مشاكل المراهقين، والشباب، ومثل هذا، لكنني أصبحت أشعر بالذنب من كوني أعجب بهم وهم رجال أجانب، وأنظر لصورهم كثيرا، هذا فضلا عن الموسيقى التي أعلم جيدا أنها حرام، لكنني حقا تعلقت بهم لدرجة كبيرة.
حاولت أن أتوقف عن متابعتهم، ومسحت كل صورهم، وأغانيهم، وما يتعلق بهم من هاتفي، لكنني عدت مجددا بسبب شعور الاكتئاب الذي رافقني حين فعلت، وأنا مصابة بوسواس قهري، ومنذ بدأت في متابعتهم شعرت بأنني بدأت أتناسى أمره، وأتجاهله، ولا أعلم هل أنا أحاول أن أخلق لنفسي الأعذار، أم إن كل شيء يكون أفضل عندما لا أحاول تركهم؟ فأنا عندما أفعل ذلك يتولد عندي شعور بالذنب، فأستغفر كثيرا، وأحافظ على أذكار الصباح والمساء، وقراءة القرآن، وأكون بنفسية مرتاحة، علما أنني لا أقضي كل وقتي في متابعتهم أبدا، فالوقت الذي أقضيه في مشاهدتهم لا يتعدى ثلاث ساعات في اليوم، لكنني حقا أشعر بالذنب، ولم يعد باستطاعتي الشعور بالراحة منذ أن قرأت أن الإصرار على الذنب، والاستمتاع به من الكبائر التي تؤدي إلى النار.
اليوم حاولت كذلك تركهم، ودعوت الله أن يثبتني، ويقويني على المعصية، ويهديني الصراط المستقيم، وبكيت كثيرا، حقا أنا لا أريد أن أعصي الله وأسخطه، فهل في متابعتي لهم سخط لله، وهلاك لي؟
فإن كان كذلك، فهل لكم -من فضلكم- أن تدلوني على طريقة لتجاوز كل هذا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالحمد لله الذي أنعم عليك بارتداء الحجاب، ووفقك للمحافظة على الصلوات، وعدم التواصل مع الشباب، فهي نعم عظيمة، تستحق الشكر، وبالشكر يأتي المزيد، بإذن الحميد المجيد، قال تعالى: وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد {إبراهيم:7}.

ومن أعظم الشكر: الإقبال على الطاعات، ومن أعظم أسباب زوال النعم: المعاصي والسيئات، قال الله سبحانه: ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم {الأنفال:53}، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 56211.

 وكما ذكرت فإن سماع الموسيقى أمر محرم، وإعجابك بهؤلاء الشباب، وتعلق قلبك بهم، ونظرك إلى صورهم، وحرصك على متابعتهم، ومعرفة أخبارهم، أمر خطير، ويتضمن معصية الله عز وجل، وربما قاد إلى ما هو أغم وأطم، وأعظم إثما.

فالواجب عليك التوبة من ذلك كله، والتوبة النصوح لها شروط، سبق أن بيناها في الفتوى رقم: 5450.

وإن زللت بعد التوبة، ورجعت للذنب، فبادري للتوبة مرة أخرى، ولا تيأسي؛ روى البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه عز وجل قال: أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت، فقد غفرت لك. قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة: اعمل ما شئت.

قال النووي: وفي الحديث: أن الذنوب ولو تكررت مائة مرة، بل ألفا وأكثر، وتاب في كل مرة، قبلت توبته... اهـ.

 وكوني في الوقت ذاته على وجل من أن يدركك الموت وأنت على الذنب، فتموتين على سوء الخاتمة، فإن هذا مما يعين على الثبات على التوبة، والاستقامة.

وإن كنت تظنين أن رجوعك لتلك الأفعال السيئة، يمكن أن يزيل عنك الاكتئاب والوسواس القهري، فإنك واهمة، فالمعاصي من أسباب تسلط الشيطان على الإنسان، وتواتر الهموم والغموم على قلبه، قال ابن القيم في الفوائد وهو يعدد بعض آثار المعاصي: قلة التوفيق، وفساد الرأي, وخفاء الحق, وفساد القلب, وخمول الذكر, وإضاعة الوقت, ونفرة الخلق, والوحشة بين العبد وبين ربه, ومنع إجابة الدعاء, وقسوة القلب, ومحق البركة في الرزق والعمر, وحرمان العلم, ولباس الذل, وإهانة العدو, وضيق الصدر, والابتلاء بقرناء السوء، الذين يفسدون القلب، ويضيعون الوقت, وطول الهم والغم, وضنك المعيشة, وكسف البال... تتولد من المعصية، والغفلة عن ذكر الله, كما يتولد الزرع عن الماء, والإحراق عن النار. وأضداد هذه تتولد عن الطاعة. اهـ.

وقد أحسنت بدعائك ربك أن يثبتك، ويقويك، ويهديك صراطه المستقيم، وكذا بكاؤك، وانكسارك بين يديه، فهذا كله مما يعينك على الاستقامة، والبعد عن سبيل الغواية.

فداومي على ذلك، ونحيلك على بعض الفتاوى التي تضمنت توجيهات طيبة، تفيدك -بإذن الله-، فراجعي الفتاوى التالية: 10800، 1208، 12928.
  والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات