هل يجوز لمن له دَين على معسر أن يجعله رأس مال مضاربة؟

0 81

السؤال

استدان تاجر من صديق له مبلغا من المال، ثم لما طالبه به أخبره أنه لا يستطيع سداده في الحال، لكنه عرض عليه أن يدخل مثل مقدار دينه في تجارة له، ثم يعطيه ربحا شهريا يوازي استثمار مبلغ الدين في تجارته، أي أن يعتبر الدين كأنه سهم في تجارته، فهل يجوز ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

 فهذه المعاملة لا تجوز، وهذا شبه اتفاق من أهل العلم؛ وذلك لأنه لا يجوز جعل الدين رأس مال مضاربة، قال الخرقي في مختصره: ولا يجوز أن يقال لمن عليه دين: ضارب بالدين الذي عليك. اهـ.

قال ابن قدامة معلقا عليه: نص أحمد على هذا، وهو قول أكثر أهل العلم، ولا نعلم فيه مخالفا.

قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، أنه لا يجوز أن يجعل الرجل دينا له على رجل مضاربة، وممن حفظنا ذلك عنه: عطاء، والحكم، وحماد، ومالك، والثوري، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وبه قال الشافعي.

وقال بعض أصحابنا: يحتمل أن تصح المضاربة؛ لأنه إذا اشترى شيئا للمضاربة، فقد اشتراه بإذن رب المال، ودفع الدين إلى من أذن له في دفعه إليه، فتبرأ ذمته منه، ويصير كما لو دفع إليه عرضا، وقال: بعه، وضارب بثمنه.

وجعل أصحاب الشافعي مكان هذا الاحتمال أن الشراء لرب المال، وللمضارب أجر مثله؛ لأنه علقه بشرط، ولا يصح عندهم تعليق القراض بشرط.

والمذهب هو الأول؛ لأن المال الذي في يدي من عليه الدين له، وإنما يصير لغريمه بقبضه، ولم يوجد القبض ها هنا. انتهى.

وبه يتبين لك أن الواجب على هذا التاجر وفاء دينه، إن كان موسرا، والواجب على الدائن إنظاره، إن كان معسرا.

وأما الصورة المذكورة، فلا تجوز -كما أوضحنا-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة