المعيار الشرعي في اختيار الأزواج

0 66

السؤال

أنا فتاة أعيش في تركيا، تقدم شاب لخطبتي، ولكنه متزوج منذ أربع سنوات، وله طفلان، وحالته المادية جيدة، وهو ليس مرتاحا مع زوجته إطلاقا، وهي ليست مهتمة بأطفالها، ولا بزوجها، فطلقها مرتين بشكل شفهي فقط منذ ثلاثة أشهر؛ لأنه تزوجها عن طريق الشيخ فقط، وهي راغبة في الطلاق منه أيضا؛ وبهذا تكون مطلقة شرعا.
وقد طلقها قبل أن يراني ويرى أهلي، ولكنه لم يرسلها إلى أهلها في سوريا؛ لأنه ليس هنالك من يعتني بالطفلين، ويقول: إنها موجودة الآن من أجل الأطفال فقط، وعندما يجد الفتاة المناسبة فسوف يرسلها إلى أهلها، وأمه مسنة مريضة لا تستطيع تربية الطفلين، وهو يقول: إنه الآن لا يستطيع إرسالها على الفور إلى سوريا رغم أنه طلقها؛ لأنه يعلم أنه لن يجد زوجة جديدة بسرعة؛ بسبب الغربة، وقلة الفتيات،
وإنها الآن موجودة لتعتني بالطفلين فقط، ويقول الشاب: لن أرسل طليقتي لبيت أهلها إلا عندما أجد الفتاة المناسبة لي، ويريد أن يضمن الزوجة الجديدة، وأنا من سيقوم بتربية الطفلين، وقد وافقت على ذلك؛ لأن المطلقة لن تأخذ أولادها معها، فهي لا تريدهم، فهل سأحمل في ذمتي ذنب الطليقة، وإرسالها إلى أهلها في حال موافقتي؟ وهل أوافق على هذا الزواج؟ وهل سأكون مذنبة في شيء؟

الإجابــة

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالأهم في شأن هذا الرجل دينه، وخلقه، فهذا هو المعيار الشرعي في اختيار الأزواج، ولا يضير بعده أن يكون متزوجا من قبل أم غير متزوج، مطلقا أم ليس مطلقا، روى ابن ماجه، والترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه، فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.

وذكر العلماء أن الخلق مدار حسن المعاش، والدين عليه مدار أداء الحقوق، أورد الغزالي في إحياء علوم الدين، أن رجلا قال للحسن - رحمه الله -: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها، أكرمها، وإن أبغضها، لم يظلمها.

فاسألي عنه من يعرفونه، ومن تعاملوا معه، وخبروه من ثقات الناس، فإن أثنوا عليه خيرا، فلا بأس بموافقتك على زواجه منك، ومجرد موافقتك على الزواج، ليس فيه ظلم لهذه المرأة.

واحرصي على استخارة ربك في زواجك منه، وفوضي إليه أمرك ليختار لك ما فيه الخير لدنياك، وأخراك، وراجعي في الاستخارة الفتوى رقم: 19333، ورقم: 123457، فإن تيسر هذا الزواج، فذاك، وإلا فلا تتبعيه نفسك، وسلي ربك أن يرزقك من هو أفضل منه.

 بقي أن ننبه إلى أن قولك: "تزوجها عن طريق الشيخ فقط"، إن كان المقصود أنه تزوجها من غير وليها، فالولي شرط لصحة الزواج في قول جمهور الفقهاء خلافا للإمام أبي حنيفة، وراجعي الفتوى رقم: 1766، والفتوى عندنا على قول الجمهور، ولكن إن تم عقده بغير ولي تقليدا للإمام أبي حنيفة، فإنه يصح، وكذا إن حكم بصحته حاكم، كما بيناه في الفتوى رقم: 47816.

 وقولك: "وهي راغبة في الطلاق منه أيضا؛ وبهذا تكون مطلقة شرعا"، نقول تعليقا عليه: إنها لا تطلق بمجرد رغبتها في الطلاق؛ إلا أن يكون قد طلقها بالفعل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة