حقد الأهل على ابنهم ومحاولة أذيته وإذلاله

0 70

السؤال

ما حكم الشرع في أهل يحاولون إذلال ابنهم؛ لأنه يعيش معهم؛ وذلك ناتج عن حقد، وعدم تمكيني لهم من أذيتي؟ مع العلم أني ما زلت في الجامعة، وماذا علي أن أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الحال المذكورة غريبة، أي: أن يحقد الأهل على ابنهم، ويسعون في أذيته، وإذلاله؛ إذ الغالب شفقتهم عليه، وحرصهم على مصلحته، ودفع الضرر عنه، وخاصة إن كانوا من أقرب قرابته -كوالديه، وإخوته-.

 وينبغي على كل حال الصبر عليهم؛ لأن هذا نوع من الابتلاء، فيتسلى المسلم بالصبر، وعاقبة ذلك خير كثير -بإذن الله-، ويمكنك مطالعة فضائل الصبر في الفتوى رقم: 18103، هذا أولا.

ثانيا: الدعاء، والتضرع إلى الله تعالى بأن يصلح الله الحال، ويبعد عن الجميع نزغات الشيطان، فالدعاء أمضى سلاح للمؤمن، وقد ثبت في سنن أبي داود عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما، قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.

ثالثا: الحلم ومقابلة الإساءة بالإحسان، قال تعالى: ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم {فصلت:34}، قال ابن كثير: ادفع بالتي هي أحسن؛ أي: من أساء إليك، فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر -رضي الله عنه-: ما عاقبت من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه.

وقوله: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم؛ وهو الصديق، أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك، ومحبتك، والحنو عليك، حتى يصير كأنه ولي لك حميم؛ أي: قريب إليك من الشفقة عليك، والإحسان إليك. اهـ.

وروى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

رابعا: أن لا تظهر ما قد يكون سببا في استثارتهم، ودفعهم للحقد، أو الحسد، قال تعالى عن يعقوب -عليه السلام- يخاطب أبناءه: وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون {يوسف:67}، قال السعدي: ذلك أنه خاف عليهم العين؛ لكثرتهم، وبهاء منظرهم؛ لكونهم أبناء رجل واحد... اهـ.

وقال ابن القيم: فصل: ومن علاج ذلك -العين- أيضا، والاحتراز منه: ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردها، كما ذكر البغوي في كتاب شرح السنة: أن عثمان -رضي الله عنه- رأى صبيا مليحا، فقال: دسموا نونته؛ لئلا تصيبه العين، ثم قال في تفسيره: ومعنى دسموا نونته: أي: سودوا نونته، والنونة: النقرة التي تكون في ذقن الصبي الصغير، ومن هذا أخذ الشاعر قوله:

ما كان أحوج ذا الكمال إلى     عيب يوقيه من العين. اهـ.

وعموما: التمس ما قد يكون السبب، واعمل على معالجته بالأسلوب المناسب.

 خامسا: توسيط أهل الخير من العقلاء، والفضلاء، إن اقتضى الأمر ذلك، فعسى الله تعالى أن يعين في سبيل الإصلاح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة