الجمع بين آية: "اليوم أحل لكم الطيبات ..." وحديث: "ولا يأكل طعامك إلا تقي"

0 68

السؤال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولا يأكل طعامك إلا تقي"، وقال تعالى: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم... هل الحديث متناف مع الآية؟ أرجو التوضيح.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه أبو داود، وصححه ابن حبان. محله في إطعام الإكرام، كالدعوة، ونحوها، وليس في طعام الجائع، والمضطر، والمجازاة، وهو كذلك على سبيل الإرشاد، والندب، والاستحباب، وليس على سبيل الحتم، واللزوم، قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: {وطعامكم حل لهم} أي: ويحل لكم أن تطعموهم من ذبائحكم، فأما الحديث الذي فيه: "لا تصحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي"، فمحمول على الندب، والاستحباب. انتهى باختصار.

قال الخطابي في معالم السنن: هذا إنما جاء في طعام الدعوة دون طعام الحاجة، وذلك أن الله سبحانه قال: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} [الإنسان: 8]. ومعلوم أن أسراهم كانوا كفارا غير مؤمنين، ولا أتقياء.

وإنما حذر من صحبة من ليس بتقي، وزجر عن مخالطته ومؤاكلته؛ فإن المطاعمة توقع الألفة، والمودة في القلوب. يقول: لا تؤالف من ليس من أهل التقوى، والورع، ولا تتخذه جليسا تطاعمه، وتنادمه. اهـ.

وفي شرح ابن رسلان: (ولا يأكل طعامك إلا تقي) ليكون ما تطعمه إياه عونا له على الطاعة، وهذا في طعام الإحسان، والمواساة، والكرم، دون طعام المضطر، والجائع، والضيف، وقد مدح الله إطعام الكافر بقوله: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا}. ومعلوم أن الأسير كافر غير مؤمن، ولا تقي، وإنما حذر من مخالطة غير المتقي ومؤاكلته؛ لأن ذلك يفضي إلى التآلف، ومودة القلوب، وغير المتقي لا يؤالف، ولا يتخذ جليسا. اهـ. باختصار.

فيتبين بذلك أنه لا تنافي بين الآية والحديث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات