عوامل دفع ومواجهة البلاء

0 50

السؤال

ما هي الأعمال المطلوب فعلها، عندما يتعرض الإنسان للابتلاء والمصائب، والمشكلات؟
وكيف يواجه الابتلاء، ويتغلب عليه؟
وجزاكم الله -عز وجل- خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فهناك أعمال كثيرة يواجه بها المسلم البلاء، ومن أهمها أن يتذرع بالصبر، ويتلقى ابتلاء الله له بالتسليم، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويستحضر ما لله تعالى من الحكم في تقدير هذا البلاء، قال تعالى: ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه {التغابن:11}.

قال علقمة: هو العبد تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم.

وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن البلاء خير للمؤمن إن هو صبر واحتسب؛ فقال كما في صحيح أخرجه مسلم من حديث صهيب -رضي الله عنه-: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء فشكر، كان خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر، كان خيرا له.

ومن تلك الأعمال الدعاء، فليجتهد المسلم في دعاء الله تعالى أن يزيل عنه ما يجد من الكرب والبلاء، وأن يعينه على الصبر والاحتمال، وأن يرزقه العافية في الدنيا والآخرة، فإن الدعاء من أعظم أسلحة المؤمن التي يحصل بها المطلوب، ويدفع بها المرهوب، قال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان {البقرة:186}.

والنصوص في هذا المعنى كثيرة.

قال ابن القيم رحمه الله: والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدفعه، ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن. كما روى الحاكم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات والأرض.

 وله مع البلاء ثلاث مقامات:

أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه.

الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه، وإن كان ضعيفا.

الثالث: أن يتقاوما، ويمنع كل واحد منهما صاحبه.

وقد روى الحاكم في صحيحه من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. وفيه أيضا من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء. وفيه أيضا من حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. انتهى.

ومنها: لزوم الاستغفار، فإن السبب الأكبر لحلول البلايا هو الذنوب، ولا تستدفع الذنوب التي هي سبب البلاء إلا بالتوبة والاستغفار، والاستغفار والتوبة إلى الله تعالى مجلبة للنعم ودافعة للنقم، كما قال تعالى: ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم {هود:52}، وقال: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا {نوح: 1-12}.

وروى أبو داود في سننه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب.

ومنها: الاجتهاد في الأعمال الصالحة عامة، فإن الاستقامة وفعل الخير، موجبة للرحمة، دافعة للنقمة؛ كما قال تعالى: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض {الأعراف:96}، وقال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب {الطلاق: -3}. وقال: وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا {الجن:16}.

ومنها: التوكل على الله تعالى: فإن من توكل على الله كفاه، ومن جعل الله حسبه صرف الله عنه ما أهمه وغمه، قال تعالى:  ومن يتوكل على الله فهو حسبه {الطلاق:3}، وقال: أليس الله بكاف عبده {الزمر:36}.

ومنها: لزوم ذكر الله تعالى، مثل أدعية الكرب؛ كدعاء يونس عليه السلام: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن قال له: أجعل لك صلاتي كلها؟ إذ تكفى همك، ويغفر لك ذنبك. أخرجه الترمذي وحسنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات