الدعاء باستعجال العذاب دأب المكذبين

0 60

السؤال

فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين (77) سورة الأعراف.هل أحد من البشر: كافر أو مسلم، يدعو بالهلاك بل بقربه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن استعجال ثمود للعذاب، كان على سبيل التكذيب والإفحام لنبي الله صالح عليه السلام، قال تعالى: فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين {الأعراف:77}.

جاء في تفسير الكشاف: (ائتنا بما تعدنا) أرادوا من العذاب. وإنما جاز الإطلاق؛ لأنه كان معلوما. واستعجالهم له لتكذيبهم به، ولذلك علقوه بما هم به كافرون، وهو كونه من المرسلين. اهـ.

وجاء في تفسير أبي السعود{وقالوا} مخاطبين له عليه السلام بطريق التعجيز والإفحام على زعمهم: {يا صالح ائتنا بما تعدنا} أي من العذاب، والإطلاق للعلم به قطعا {إن كنت من المرسلين} فإن كونك من جملتهم، يستدعي صدق ما تقول من الوعد والوعيد. اهـ.

وهذا الاستعجال للعذاب والدعاء به كان من دأب المكذبين مع أنبيائهم، قال تعالى: قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين {هود:32}.

وقال سبحانه عن عاد: قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين {الأعراف:70}.

وقال تعالى عن قوم لوط: فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين {العنكبوت:29}.

وقال سبحانه عن قوم شعيب: فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين {الشعراء:187}.

 وقال تعالى عن قريش: وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم {الأنفال:32}.

ودعاء الإنسان على نفسه بالشر لا سيما عند الضجر والضيق، واقع مشاهد بين الناس، وقد قال تعالى: ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا {الإسراء:11}.

جاء في تفسير ابن عطية: قال ابن عباس وقتادة ومجاهد: هذه الآية نزلت ذامة لما يفعله الناس من الدعاء على أموالهم وأبنائهم في وقت الغضب والضجر، فأخبر الله أنهم يدعون بالشر في ذلك الوقت، كما تدعون بالخير في وقت التثبت، فلو أجاب الله دعاءهم أهلكهم، لكنه يصفح ولا يجيب دعاء الضجر المستعجل، ثم عذر بعض العذر في أن الإنسان له عجلة فطرية، والإنسان هنا قيل يريد به الجنس بحسب ما في الخلق من ذلك. قاله مجاهد وغيره.

وقالت فرقة: هذه الآية نزلت في شأن قريش الذين قالوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء {الأنفال:32}، وكان الأولى أن يقولوا: فاهدنا إليه وارحمنا به، فذمهم الله تعالى في هذه الآية بهذا.

وقالت فرقة: معنى هذه الآية: معاتبة الناس على أنهم إذا نالهم شر وضر دعوا وألحوا في الدعاء، الذي كان يجب أن يدعوه في حالة الخير، ويلتزمه من ذكر الله وحمده والرغبة إليه، لكنه يقصر حينئذ، فإذا مسه ضر ألح واستعجل الفرج، فالآية على هذا من نحو قوله تعالى: وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه [يونس: 12]. اهـ. باختصار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة