بر الزوج بأمه لا يكون على حساب زوجته وأولاده

0 39

السؤال

زوج عانى من مشاكل صحية، وظل ثلاث سنوات لا يقوم بدوره في إعفاف زوجته، إلا في القليل النادر، وهي حينئذ صغيرة العمر، وتحتاج العفاف، وكانت حريصة على غض بصرها، وحفظه في نفسها، وبفضل الله شفي، فهل يجوز أن يكافئ صبرها عليه أن يهددها بالزواج بأخرى؟ وهل يجوز أن ترفض هذا الأمر؛ لأنها صبرت عليه، ولا يجب أن يجرحها؟
ثانيا: زوجي بار بأمه، والحمد لله، وأنا وهي لا نتفق؛ لأنها آذتني، مع علمه واعترافه بهذا الأمر، وأنا لا أحب أن يستشيرها في أمور حياتنا من بيع وشراء، وغير ذلك، فهل أنا آثمة؟ لأنه غالبا ما يتفاعل مع كلامها، وأنا لا أريد أن تتدخل في أي أمر من حياتي، وتقول له: أنقص مصروف بيتك وأولادك، وأقلل من الخروج في التنزه؛ حتى تأثر، وأصبح يحسب لنا كل شيء؛ رغم أنه يكرم أهله ويتصدق، وما هي أوجه أمر الزوج لزوجته؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فقد أحسنت بحفظك نفسك، وحرصك على غض البصر، على الرغم من عدم قدرة زوجك على إعفافك، فهذه علامة إيمان، ودليل صلاح، وقد يكون ذلك هو السبب في شفاء زوجك، وإكرام الله لك بذلك.

 وعلى العموم؛ فالمطلوب من الزوج أن يحسن عشرة امرأته، وهذا الذي أمره به رب العالمين في قوله: وعاشروهن بالمعروف {النساء:19}، والمعاشرة بالمعروف تكون بالصحبة الجميلة، وكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة، كما قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره.

ولو أنه صبر ولم يتزوج من أخرى، مجازاة لك على صبرك عليه، فربما كان أفضل، ولكن إن أصر على الزواج من ثانية، وغلب على ظنه أن يعدل بين زوجتيه، فله ذلك، فالتعدد مباح بشرطه، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 1469.

ولا شك في أن الغيرة مفطورة في النساء، وليس غريبا أن تكره المرأة أن يتزوج زوجها امرأة أخرى، ولكن لتعلم أن في التعدد مصالح شرعية كثيرة، والأولى أن تترك رغبات النفوس من أجل تحقيق هذه المصالح، وتنظر الفتوى: 71992.

وليس للزوجة الحق في أن ترفض هذا الزواج، ولكن لها الحق في أن تطلب حقها منه، وأن يعدل بينها وبين زوجته الأخرى في المبيت، والنفقة.

وبر زوجك بأمه أمر طيب، وليبرها بما يشاء، ولكن لا يكون ذلك على حساب زوجته وأولاده، فليعط كل ذي حق حقه، ولا تأثمين إن كرهت مشاورته أمه في أمور البيت الخاصة.

ولا إشكال في مجرد المشاورة، إن رجا منها نصحا، ولكن ليس لأمه أن تشير عليه إلا بما فيه الصلاح.

 وليعمل على مداراة أمه، والإنفاق على زوجته وأولاده بالمعروف، فلا ينقص من النفقة عليهم؛ ليرضي أمه، بل له أن يوسع عليهم، وإن كرهت ذلك أمه، ولا يعتبر عاقا لها بذلك، فطاعته لها لا تجب بإطلاق، ولكنها تجب فيما فيه مصلحة لها، ولا ضرر عليه فيه، كما هو مبين في الفتوى: 76303.

ولا حرج عليه في أن يكرم أهله، ولكن لا يقتر في الوقت ذاته على امرأته وأولاده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة