طلب المرأة الطلاق بسبب عدم الشعور بالأمان، وهل في ذلك ظلم للأولاد؟

0 48

السؤال

أنا متزوجة منذ عشر سنين، وفي ولادتي الثانية حصلت مشكلة بين زوجي وأمي، وتشاجرا، وكل واحد منهما أخذ حقه من الثاني بالتساوي، ولا أحد راض، وزوجي يتعامل مع أمي بجفاء، ويطلب مني أن لا أكثر زيارة أمي وأختي، مع العلم أنهما لا تزورانني إلا قليلا، فهو يظن أنهما تتدخلان في حياتنا، مع العلم أنهما لا تتكلمان لا بالشر ولا بالخير عليه، ولا تسألان عن وضعي معه، وهو الآن كثير التهديد، وكأنه يخيرني بينهما وبينه.
وأنا -للأسف الشديد- لا أشعر معه بالأمان، ودائما يشعرني أن هذا ليس بيتي، وأقول في أي لحظة: إنه سيفارقني، مع أني أتنازل كثيرا، ودائما يراني مقصرة، فلو طلبت الطلاق؛ لعدم تحملي الوضع، لا لكرهي له، فهل علي إثم؟ وهل هذا ظلم لأولادي، إن لم أصبر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

  فإن المصاهرة بين الناس من أعظم نعم الله عز وجل عليهم، ومن دلائل كمال قدرته، قال سبحانه: وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا {الفرقان:54}.

فينبغي الاهتمام بهذه العلاقة، وأن يكون بين أهلها التقدير، والاحترام، وهكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام مع أصهاره؛ لكمال أدبه، وحسن خلقه، وهو القدوة الصالحة للأمة، قال تعالى: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا {الأحزاب:21}.

وقد أوصى صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى من ربطته بهم مصاهرة، ففي صحيح مسلم عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها، فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة، ورحما ـ أو قال: ذمة، وصهرا.

فما ذكرته من حال بين زوجك وأمك، أمر مؤسف، ينبغي مناصحتهما فيه بالحكمة، والموعظة الحسنة، والسعي في الإصلاح بينهما، ولمعرفة فضل الإصلاح بين المتخاصمين، نرجو مراجعة الفتوى: 117937.

والأصل أن يحمل أمر المسلم على السلامة، فلا يتهم بما هو مشين إلا عن بينة، فلا يجوز لزوجك أن يسيء الظن بأهلك، وقد حذر الله تعالى في كتابه من سوء الظن، فقال: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم {الحجرات:12}.

وتهديده لك، يتنافى مع ما أمر به الشرع من حسن معاشرة الزوجة، كما في قول الله سبحانه: وعاشروهن بالمعروف {النساء:19}، قال السعدي في تفسيره، تعليقا على هذه الآية: على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة. اهـ.  

 وإذا تضررت منه ضررا شديدا، فلك الحق في طلب الطلاق، ولكن لا ينبغي التعجل لذلك، فقد لا يكون الحل هو الطلاق، ويكون الصبر هو الأولى، مع الدعاء، والمناصحة، فعسى الله عز وجل أن يصلح الحال، ويزول الإشكال.

ولو قدر أن طلبت الطلاق وفارقته، فليس في ذلك ظلم لأولادك، ولكن ينبغي لكما -كزوجين- تحري الحكمة، بحيث لا يتضرر الأولاد بسبب هذا الفراق.

 ولا ينبغي للزوج أن يمنع زيارة أهل زوجته لها، ولكن إن كان زوجك لا يمانع ابتداء من زيارة أمك وأختك لك، وإنما يمنع من كثرة زيارتهما، فهذا خير، فحافظي عليه، ولا بأس بالتفاهم معه بالحسنى؛ لكي يوافق على المزيد.

ولمزيد الفائدة، راجعي الفتوى: 127945، ففيها بيان حكم منع الزوج زيارة أهل الزوجة لها، وأقوال العلماء في ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات