لماذا تقدّم الوقوف على النار على الوقوف على الرب في سورة الأنعام؟

0 27

السؤال

قال تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين (27)}، سورة الأنعام، ويقول تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (30)} سورة الأنعام. فلماذا تقدم وقوفنا على النار على وقوفنا لربنا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد ذكر بعض المفسرين أن الترتيب بين الآيتين؛ لترتيب الوقوع، فيقف الكفار على النار أولا، كما في قوله تعالى: ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين {الأنعام:27}، ثم بعده يكون الوقوف الثاني الوارد في قوله سبحانه: ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون {الأنعام:30}.

جاء في تفسير الألوسي: ولعل هذا التوبيخ، والتقريع- كما قيل- إنما يقع بعد ما وقفوا على النار، فقالوا ما قالوا؛ إذ الظاهر أنه لا يبقى بعد هذا إلا العذاب، ويحتمل العكس، والأمر سهل. اهـ.

وقال الشعراوي: ويقول الحق سبحانه: {ولو ترى إذ وقفوا ... } هم -إذن- قد خافوا، وارتبكوا، وطلبوا العودة للحياة الدنيا؛ لأن ما شاهدوه هول كبير، فما بالك إذا وقفوا على الله؟ إنه موقف مرعب. وإذا كان الحق قد حذف من قبل الجواب عندما أوقفهم على النار؛ فالأولى هنا أن يحذف الجواب؛ حتى يترك للخيال أن يذهب مذاهب شتى. . إنه ارتقاء في الهول.

وهكذا نرى التبكيت لهم في قول الحق: {أليس هذا بالحق} إنهم يفاجأون بوجود إله، يقول لهم بعد أن يشهدوا البعث، ويقفوا على النار: {أليس هذا بالحق}؟ وسبحانه وتعالى لا يستفهم منهم، ولكنه يقرر، وقد شاء أن يكون الإقرار منهم، فيقولون: بلى؛ لأن الأمر لا يحتاج -إذن- إلى مكابرة. وبلى حرف يجعل النفي إثباتا.

ويطرح الحق هذه المسألة بالنفي؛ حتى لا يظن ظان أن هناك تلقينا للجواب. ويصدر حكم الحق: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}، وهكذا يذوقون العذاب الذي كانوا به يكذبون. وذوق العذاب ليس من صفة القهر، والجبروت؛ لأن الله لا يظلم مثقال ذرة، ولكن بسبب أنهم قدموا ما يوجب أن يعذبوا عليه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات