0 59

السؤال

متى تكون النصيحة علنا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالنصيحة عرفها الجرجاني في التعريفات، فقال: هي الدعاء إلى ما فيه الصلاح، والنهي عما فيه الفساد. اهــ.

وهي لا تكون علانية، وإنما تكون سرا، وإبداؤها علانية هو في حقيقته توبيخ، وتعيير، قال الغزالي في الإحياء: فالفرق بين التوبيخ، والنصيحة بالإسرار والإعلان، كما أن الفرق بين المداراة والمداهنة؛ بالغرض الباعث على الإغضاء .. اهــ. وقال ابن حزم في كتابه: "الأخلاق والسير": إذا نصحت، فانصح سرا، لا جهرا، وبتعريض، لا تصريح؛ إلا أن لا يفهم المنصوح تعريضك، فلا بد من التصريح، ولا تنصح على شرط القبول منك، فإن تعديت هذه الوجوه، فأنت ظالم، لا ناصح ... اهــ.

وقد ألف الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله تعالى- كتابا في النصيحة سماه: "الفرق بين النصيحة والتعيير"، وعقد فيه فصلا في بيان كيفية النصيحة، ومما قال فيه: قال الفضيل: (المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعير)، فهذا الذي ذكره الفضيل من علامات النصح، والتعيير، وهو أن النصح يقترن به الستر، والتعيير يقترن به الإعلان.

وكان يقال: (من أمر أخاه على رؤوس الملأ، فقد عيره)، أو بهذا المعنى.

وكان السلف يكرهون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على هذا الوجه، ويحبون أن يكون سرا فيما بين الآمر والمأمور، فإن هذا من علامات النصح، فإن الناصح ليس له غرض في إشاعة عيوب من ينصح له، وإنما غرضه إزالة المفسدة، التي وقع فيها...

فشتان بين من قصده النصيحة، وبين من قصده الفضيحة، ولا تلتبس إحداهما بالأخرى، إلا على من ليس من ذوي العقول الصحيحة. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات