الجمع بين آية: "عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا" وبين ما ورد أنهم يتكلمون ويسمعون ويرون

0 32

السؤال

سؤالي عن بعض الآيات التي لم أفهمها، وأشكلت علي؛ كقول الله تعالى: (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا)، وقوله: (ونحشره يوم القيامة أعمى)، ففي هذه الآيات يظهر أن الكافر لا يتكلم، ولا يسمع، ولا يرى في يوم القيامة، لكن في مواضع وآيات كثيرة في القرآن، يظهر أن الكافر في يوم القيامة يتكلم، ويسمع، ويرى، فما هو الصواب؟ أثابكم الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فقد أجاب العلماء عن هذا الإشكال الذي استشكلته -أخي السائل- بأجوبة كثيرة؛ فمنهم من قال: إن حالهم يختلف باختلاف مراحل القيامة.

ففي أول الحشر يحشرون عميا وبكما وصما، ثم يرد الله إليهم أبصارهم، وأسماعهم، فيسمعون زفير جهنم، ويرونها، ويوقنون أنهم داخلوها، كما قال تعالى: ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها {الكهف:53}، وقيل غير ذلك.

ونحن نلخص لك أقوالهم، مما ذكره العلامة الشنقيطي في كتابه: "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب"، فقد قال -رحمه الله تعالى-:

قوله تعالى: ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما. هذه الآية الكريمة يدل ظاهرها على أن الكفار يبعثون يوم القيامة عميا وبكما وصما.

وقد جاءت آيات أخر تدل على خلاف ذلك، كقوله تعالى: أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا [19 38]، وكقوله: ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها [18 53]، وكقوله: ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا [32 12]، والجواب عن هذا من أوجه:

الوجه الأول: هو ما استظهره أبو حيان من كون المراد مما ذكر حقيقته، ويكون ذلك في مبدأ الأمر، ثم يرد الله تعالى إليهم أبصارهم، ونطقهم، وسمعهم، فيرون النار، ويسمعون زفيرها، وينطقون بما حكى الله تعالى عنهم في غير موضع.

الوجه الثاني: أنهم لا يرون شيئا يسرهم، ولا يسمعون كذلك، ولا ينطقون بحجة، كما أنهم كانوا في الدنيا لا يستبصرون، ولا ينطقون بالحق، ولا يسمعونه، وأخرج ذلك ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، وروي أيضا عن الحسن، كما ذكره الألوسي في تفسيره، فنزل ما يقولونه، ويسمعونه، ويبصرونه، منزلة العدم؛ لعدم الانتفاع به، كما تقدم نظيره.

الوجه الثالث: أن الله إذا قال لهم: اخسئوا فيها ولا تكلمون [23 108]، وقع بهم ذاك العمى، والصم، والبكم؛ من شدة الكرب، واليأس من الفرج، قال تعالى: ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون [27 85]. اهــ.

والله تعالى أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات