الجمع بين قوله تعالى: "مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ" ووجود الكثير من الدعاة

0 44

السؤال

نسمع كثيرا -وخاصة في الخطب-: (من يهده الله عز وجل، فهو المهتدي، ومن يضلل، فلن تجد له وليا مرشدا)، فلماذا لا يوجد ولي مرشد، مع وجود الآلاف من الدعاة إلى الله عز وجل، وآلاف الساعات والخطب الدينية؟ أليس كل هؤلاء أولياء مرشدين؟ فلماذا نقول: لن تجد وليا مرشدا؟ وجزاكم الله عز وجل خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فلا تعارض بين ما تسمعه في الخطب: (من يهده الله، فهو المهتدي، ومن يضلل، فلن تجد له وليا مرشدا)، وبين ما ذكرته من وجود الدعاة إلى الله تعالى؛ إذ الهداية على نوعين:

النوع الأول: هداية توفيق وإلهام، وهذه لا يقدر عليها إلا الله تعالى، فقد نفاها عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وأثبتها لنفسه، قال تعالى: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين {القصص:56}، ومن لم يمن عليه الله بهذه الهداية، فلن يستطيع هدايته ملايين الدعاة، ولا أي مخلوق من مخلوقات الله تعالى، كما قال تعالى: من يضلل الله فلا هادي له {الأعراف:186}، وقال: ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده {الشورى:44}، وقال: من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا {الكهف:17}، وهذه هي التي تسمعها في ديباجة الخطب.

الثاني: هداية إرشاد وبيان، وهذا النوع ليس خاصا بالله تعالى، فقد وصف به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم {الشورى:52}، ووصف به الأنبياء، وأتباعهم من العلماء والدعاة في قوله تعالى: وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون {السجدة:24}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي -رضي الله عنه-: فوالله، لأن يهدي الله بك رجلا خيرا لك من أن يكون لك حمر النعم. رواه البخاري، ومسلم.

فالحاصل؛ أنه لا تعارض بين ما تسمعه في الخطب، وبين وجود الكثير من الدعاة الذين يدعون إلى الله تعالى، فمن كتب الله له هداية التوفيق والإلهام، فإنه -بحول الله تعالى- سيستفيد من أولئك الدعاة، وينتفع بدعوتهم؛ ومن لم يكتب الله له هداية التوفيق، فلن ينفعه أي مخلوق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات