تمني موت الأب والرغبة في قتله من الكبائر

0 13

السؤال

لا أعرف كيف أبدأ رسالتي، ولكني أعاني من كرهي الشديد لأبي، وأحيانا يصل بي الأمر إلى تمني موته، ولكني بعدها أستغفر الله، وأصلي، وأدعو ألا يحقق لي أمنيتي. لكن يعود أبي، ويذكرني بكرهي له بتصرفاته وكلامه. لقد جعل حياتنا جحيما، وجعلنا جميعا نتمنى الحياة من دونه. كلنا نشعر أنه النقطة الوحيدة القاتمة في حياتنا. ترددت كثيرا قبل كتابة هذه الرسالة، ولكني مؤخرا بدأت أشعر بالرغبة في قتله. أعلم أن ما يخالجني من مشاعر وأفكار سوداء حرام، ولكن ما باليد حيلة. ماذا أفعل؟ كيف أتصرف معه؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن تمني موت الوالد من أشد العقوق، كما سبق بيانه في الفتوى: 36474. فلا تتمني ذلك، واحرصي على بره، واصرفي عنك الخواطر الشيطانية من تمني موت أبيك، والرغبة في قتله، فقتل المسلم من كبائر الذنوب، وعظائم الموبقات، فما بالك لو كان أبا، جاءت الأوامر القرآنية بالحث على بره، والرفق به، والإحسان إليه، وخفض الجناح له.

ومما يترتب على ذلك العقوبة في الدنيا بالقتل قصاصا إذا لم يعف أولياء الدم، والوعيد بالعذاب الشديد في الآخرة. كما في قول الله تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما. {النساء:93}.

ومما يترتب عليه أيضا حرمان القاتل من التركة، فلا يرث من المال، ولا من الدية.

فالواجب عليك بر أبيك، والإحسان إليه، وطاعته في المعروف، ومصاحبته بالمعروف -‏أيضا- حتى لو كان ظالما وقاسيا - - لقوله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا [الأحقاف:15]، وقال: ووصينا الإنسان بوالديه حسنا [العنكبوت:8] ‏وقال: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا [لقمان:14- 15]، وقال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا [الإسراء: 23 - 24].

 وعليك بالصبر، ‏وصاحبيه بالمعروف، ولو أساء إليك لعظم حقه عليك، ولما جاء رجل إلى النبي -صلى الله ‏عليه وسلم- وسأله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال ثم من؟ قال: "أمك" ‏قال ثم من؟ قال "أمك" قال ثم من؟ قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم.

ولعلك إذا ‏أحسنت إليه رضي عنك، وإذا رضي عنك، فأنت على خير عظيم، لأن الله سيرضى عنك.

‏ونذكرك بقوله -صلى الله عليه وسلم-: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل من؟ ‏قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخلاه الجنة. رواه مسلم وعند ‏الترمذي: ولم يدخل الجنة.

وعلى أية حال، لو وسطت بينك وبين أبيك بعض الخيرين، أو ‏بعض الصالحين لإزالة ما بينك وبينه، وإصلاح العلاقة التي ساءت، فإنه يرجى أن يحصل ‏الوفاق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة