0 18

السؤال

ما ضوابط العزلة الشرعية؟ وهل تباح لمن يخشى على نفسه، وعلى دينه من الفتن؟ وفقكم الله لكل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: 

فالأصل هو مشروعية مخالطة الناس، وأن ذلك أولى وأفضل من اعتزالهم، إلا في حالات مخصوصة، كما ذكرنا في الفتوى: 158317.

ومن الأحوال التي تستحب فيها العزلة:

الخوف على الدين، وقد بوب البخاري في صحيحه: باب من الدين الفرار من الفتن. وذكر فيه حديث أبي سعيد: يوشك أن يكون خير مال المرء المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن. فدل على مشروعية ترك مخالطة الناس، إذا كانت المخالطة تضر بدينه.

لكن ضابط العزلة وشرطها: ألا يقصر في حق ذي الحق، ولا يفرط في واجب، كشهود الجمعة والجماعة، ونحو ذلك، قال الحافظ ابن حجر في الفتح ما عبارته: وذكر الخطابي في كتاب العزلة: أن العزلة والاختلاط يختلف باختلاف متعلقاتهما، فتحمل الأدلة الواردة في الحض على الاجتماع على ما يتعلق بطاعة الأئمة، وأمور الدين، وعكسها في عكسه.

وأما الاجتماع، والافتراق بالأبدان، فمن عرف الاكتفاء بنفسه في حق معاشه، ومحافظة دينه، فالأولى له الانكفاف عن مخالطة الناس؛ بشرط أن يحافظ على الجماعة، والسلام، والرد، وحقوق المسلمين من العيادة، وشهود الجنازة، ونحو ذلك.

والمطلوب إنما هو ترك فضول الصحبة؛ لما في ذلك من شغل البال، وتضييع الوقت عن المهمات، ويجعل الاجتماع بمنزلة الاحتياج إلى الغداء والعشاء، فيقتصر منه على ما لا بد له منه، فهو أروح للبدن والقلب..

وقال القشيري في الرسالة: طريق من آثر العزلة أن يعتقد سلامة الناس من شره، لا العكس: فإن الأول ينتجه استصغاره نفسه، وهي صفة المتواضع، والثاني شهوده مزية له على غيره، وهذه صفة المتكبر. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات