هل كان سيدنا يوسف جازمًا بحصول ما دلت عليه الرؤى التي أوّلها؟

0 8

السؤال

هل كان يوسف -عليه الصلاة والسلام- عندما يفسر الرؤى -مع العلم أن تفسيره للرؤى وحي من الله- يعلم أن الرؤى التي يفسرها ستتحقق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالذي قصه الله علينا في القرآن من الرؤى التي عبرها يوسف -عليه السلام-، هو رؤيا صاحبيه في السجن، ورؤيا الملك.

وظاهر خطابه لصاحبيه في السجن، وخطابه مع رسول الملك، أنه كان جازما بحصول ما دلت عليه تلك الرؤيا، ويدل لذلك قول يوسف -عليه السلام- لصاحبيه في السجن: قضي الأمر الذي فيه تستفتيان {يوسف:41}، وقيل إنه -عليه السلام- لم يكن جازما بوقوع ما عبره؛ لقوله: وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك {يوسف:42}، فعبر بلفظ الظن المفيد عدم اليقين.

وأجاب القائلون بجزمه بالوقوع، بأن الظن هنا بمعنى اليقين، قال الألوسي -رحمه الله-: وقال -أي: يوسف عليه السلام-: للذي ظن أنه ناج: أوثر على صيغة المضارع، مبالغة في الدلالة على تحقيق النجاة، حسبما يفيده قوله: قضي الأمر إلخ، وهو السر في إيثار ما عليه النظم الكريم، على أن يقال: للذي ظنه ناجيا منهما، أي: من صاحبيه،.. والظان هو يوسف -عليه السلام- لا صاحبه، وإن ذهب إليه بعض السلف؛ لأن التوصية لا تدور على ظن الناجي، بل على ظن يوسف -عليه السلام-، وهو بمعنى اليقين، كما في قوله تعالى: الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم [البقرة:46] ونظائره. ولعل التعبير به من باب إرخاء العنان، والتأدب مع الله تعالى، فالتعبير على هذا بالوحي، كما ينبئ عنه قوله: قضي الأمر إلخ، وقيل: هو بمعناه، والتعبير بالاجتهاد والحكم بقضاء الأمر أيضا اجتهادي، واستدل به من قال: إن تعبير الرؤيا ظني لا قطعي. انتهى.

وقال الطاهر بن عاشور -رحمه الله-: قال يوسف -عليه السلام- للذي ظن نجاته من الفتيين، وهو الساقي. والظن هنا مستعمل في القريب من القطع؛ لأنه لا يشك في صحة تعبيره للرؤيا. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة